السكينة
المؤمنون أهل حلم وصبر وتواضع وتسامح وحياء. {يَمْشُونَ عَلَى الأرض هَوْناً وَإِذَاخَاطَبَهُمُ الجاهلون قَالُواْ سَلاَماً} تعرفهم بطول الصمت وتواصل الفكر وخفض الصوت والبعد عن الهرج والصخب والسباب.وتعرفهم بالتأني والإتقان والإحسان فيما يعهد إليهم من أعمال ، وتعرفهم بالدماثة ولين الطبع والصدق والوفاء والاعتدال في الأخذ من كل شيء.
وإذا كان لابد من اختيار صفة واحدة جامعة لطابع المؤمن لقلت هي :السكينة ،فالسكينة هي الصفة المفردة التي تدل على أن الإنسان استطاع أن يسود مملكته الداخلية ويحكمها ويسوسها.
وهي الصفة المفردة التي تدل على انسجام عناصر النفس والتوافق بين متناقضاتها وانقيادها في خضوع وسلامة لصاحبها وهو أمر لا يوهب إلا لمؤمن.
وأنت تقرأ هذه السكينة في هدوء صفحة الوجه .. ليس هدوء السطح بل هدوء العمق.. هدوء الباطن ..وليس هدوء الخواء ولا سكون البلادة ، وإنما هدوء التركيز والصفاء واجتماع الهمة ووضوح الرؤية..وكأنما الذي تراه أمامك يضم البحر بين جنبيه.
والبحر ساكن ولكنه جياش يطرح اللآلئ والأصداف ، من أعماقه لحظة بعد لحظة .
وهذه خاصية المؤمن .. ذلك الهدوء المشع الثري .. لماذا..؟؟!!
لأن علاقة المؤمن بما حوله علاقة متميزة مختلفة.. علاقته بالأمس والغد .. وعلاقته بالغيبيات ..وعلاقته بالناس .. وعلاقته بعمله ونظرته للأخلاق حيث يقمع المؤمن رغباته ويخالف هواه ويسمو بمنزلته العظيمة كخليفة عن الله ووارث للكون المسخر من أجله ، فالانسان لايستحق الخلافة والسيادة الا اذا استطاع أولاً أن يسود نفسه ويتحكم في مملكته الداخلية ...
وسوم: العدد 893