مهمّة العقول والأخلاق، في الحياد بين الحقّ والباطل، وفي الانحياز إلى أحدهما!
الحقّ والباطل ، قديمان في حياة البشر، وقد يأتيان منفردين ، وقد ياتيان ممتزجين ، وملتبساً كلّ منهما بالآخر!
حين يكونان منفردين واضحين :
تسهل على العقل السويّ ، معرفة كلّ منهما ، كما يسهل، على أيّ عاقل ، الانحياز إلى أحدهما ! فمن انحاز إلى الحقّ الواضح ، كان منصفاً ، لنفسه ولغيره ، ومنصفاً لعقله ، أوّلاً!
ومن انحاز إلى الباطل الواضح ، كان ظالماً لعقله ، أوّلاً ، وظالماً لنفسه ولغيره !
أمّا حين يكونان ملتبسين ، فيصعب التفريق بينهما ! وكلما ازداد الالتباس ، ازدادت صعوبة التفريق ، على العقول المجرّدة المنصفة ؛ بَلهَ العقول الضعيفة ، بَلهَ العقول الضعيفة جدّاً ، لاسيّما العقول الضعيفة ، أو الضعيفة جدّاً ، التي تتحكّم بها الأهواء ، أو تؤثر فيها عقول الآخرين ، ومواقفهم وآراؤهم ، أوتغلبها المصالح الشخصية ، أو تخضع لضغوط مختلفة ، من : نزعات الخوف والطمع ، وعوامل الترغيب والترهيب !
وهنا تأتي مهمّة الأخلاق :
في الانحياز إلى الحقّ الواضح ، برغم عوامل الترغيب والترهيب !
وفي الانحياز إلى الحقّ ، الذي يسهل تبيّنه ، ولوكان ملتبساً بالباطل!
وفي الانحيازإلى الحقّ ، الذي لاتتبيّنه ، إلاّ العقول الكبيرة !
وفي الحياد ، واعتزال الأمرين ، في الحقّ الملتبس بالباطل ، ألتباساً شديداً ، لايمكن تمييزه عنه !
وقد حصل كثير ممّا تقدّم ، عبر التاريخ ، إذ نشبت فتن ، في بعض العهود الإسلامية ، فاعتزلها بعض العقلاء ، حين لم يَميزوا الحقّ فيها ، من الباطل !
وسبحان القائل : (ومن يؤتَ الحكمة فقد أوتيَ خيراً كثيراً).
وسوم: العدد 905