الحُكم : بين ديكتاتورية الفرد المتسلّط ، وديموقراطية الأكثرية الجاهلة !
أنبأنا تعالى ، في آيات متعدّدة ، أن أكثر الناس لايعلمون ، وأن أكثرهم لايؤمنون ، ولو حرص النبيّ ، على إيمان الناس ، جميعاً !
فهل خضوع الناس لحكم الفرد ، ولو كان عالماً .. خيرٌ، أم خضوعهم لحكم الأكثرية الجاهلة ؟
إن مشكلة الحكم ، مشكلة قديمة متجدّدة ، في كلّ عصر ومصر!
بعض الدول حسمت أمرها ؛ باختيار الديموقراطية منهجاً للحكم ! وهذه الديموقراطية ؛ كما هو معلوم ، تُخضع الناس لحكم الأكثرية ، عن طريق الانتخاب الحرّ ، وتَختار الأكثرية ، هنا ، أشخاصاً للسلطة التشريعية ، التي تختار، بدورها ، السلطة التنفيذية ، التي تحكم البلاد ، بقوانين تسنّها السلطة التشريعية ، ذاتها ، التي اختارتها الأكثرية الجاهلة ، التي تتحكّم باختياراتها ، عوامل كثيرة ، منها : الجهل ، والقرابة ، والصداقة ، والزمالة ، والمحسوبية ، والمصلحة الخاصّة ..!
وهنا تطرح أسئلة كثيرة ، من أهمّها :
إذا اختارت الأكثرية الجاهلة ، مجلساً تشريعياً ، اختار- بدوره - رئيس دولة ، أو رئيس وزراء ، فاسداً أو مرتشياً .. فهل المعوّل عليه ، هنا ، القضاء – وحدَه - إذا كانت زمرة الحكم ، التي يختارها الحاكم الفاسد ، من طرازه ، أو تحمل أخلاقا مشابهة لأخلاقه ؟
وإذا اختارت الأكثرية الجاهلة ، شاذّاً جنسياً ؛ فهل يجب على الناس طاعته ، بحجّة أن مسألة الشذوذ ، مسألة شخصية خاصّة بالحاكم ، لاتتعدّاه إلى شؤون الحكم ؟
أمّا السؤال الآخر ، والأهمّ في هذا السياق ، فهو: ماالبديل عن حكم الأكثرية ؟ أهو حكم الفرد ، أم حكم المجموعة (الأوليغارشيّة) ؟ ومن يختار الفرد ، أو المجموعة ؟
والكلام كلّه ، هنا ، هو عن الحكم ، وما يتعلّق به ! أمّا أنشطة البشر الأخرى ، فتتحكّم بها عناصر أخرى : فالعلم يختصّ به العلماء .. والطبّ يتولاّه الأطبّاء .. وعلوم الشريعة يتولاّها علماء الشرع .. وهكذا !
وأمّا الصراع ، بين علماء الأمّة وحكّامها ، وجور الحكّام على العلماء ، أو احترامهم وإنصافهم .. أمّا هذه الأمور، فقد بيّنتها النصوص الشريفة ، وبيّنت فضل العالم ، الذي يقف في وجه الحاكم الظالم !
وسوم: العدد 917