سلسلة عقيدة الشهيد حسن لبنا (١)

مقدمة:المعلوم أن الإمام الشهيد حسن البنا هو مؤسس جماعة الإخوان المسلمين وهو البناء لفكرهم ومنهجهم من خلال رسائل له كان يوجهها لإخوانه ومنها رسالة في العقائد الإسلامية تبين معتقده والمعتقد الذي ارتضاه لإخوانه..

من خلال هذه السلسلة سأبين معتقد الشهيد البنا وأنه مطابق تماما لعقيدة السادة الأشاعرة من خلال عبارات وجمل وردت في رسالته في العقائد..مبتدئا بتوفيق الله..

أولا...أهمية النظر العقلي عند الشهيد البنا:

يقول البنا في مقدمات رسالة العقائد:

(فاعلم أن الناس أمام العقائد الدينية أقسام كذلك:

١_منهم من تلقاها تلقينا واعتقدها عادة وهذا لا يؤمن عليه من أن يتشكك إذا عرضت له الشبهات..

٢_ومنهم من نظر وفكّر فازداد إيمانه وقوي يقينه..

٣_ومنهم من أدام النظر وأعمل الفكر واستعان بطاعة الله تعالى وامتثاله أمره وإحسان عبادته فأشرقت مصابيح الهداية في قلبه فرأى بنور بصيرته ما أكمل إيمانه وأتم يقينه وثبث فؤاده(والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم)..انتهى..

قسم الشهيد البنا الناس أمام العقائد إلى ثلاثة أقسام:

١-المقلد وهذا يخشى عليه من الشبهات..

٢-النظّار ويسمى المتكلم الذي قوي إيمانه ويقينه بالنظر العقلي..

٣-والعارف الذي قوي إيمانه ويقينه مع النظر العقلي بالفتح من الله من خلال عباداته فرأى بنور بصيرته ما أكمل إيمانه..

(وللعلم الشهيد البنا كان متصوفا تربى في أحضان الطريقة الحصافية وقد كان متمسكا بالأوراد إلى آخر عهده وكان يزور القبور ويحضر الموالد والاحتفالات كما ذكر في مذكرات الدعوة والداعية)

وهذا التقسيم الثلاثي للناس أمام العقائد تجده عند السادة الأشاعرة في كتب عقائدهم..

والذي يهمنا هنا اهتمامه بالنظر العقلي والرقي به وبالطاعة في معرفة أصول الدين حاضا إخوانه على ذلك بقوله:(وإنما ضربنا لك هذا المثل لترقى بنفسك عن مواطن التقليد في التوحيد وتُعمل الفكرة في تفهم عقيدتك وتستعين بطاعة مولاك في معرفة أصول دينك حتى تصل إلى مراتب الرجال وتترقى في مدارج الكمال

قد رشحوك لأمر لو فطنت له...فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل)انتهى..

ثم عاد البنا رحمه الله مؤكدا على دور العقل في العقائد الإسلامية بعد أن بين أن أساسها الكتاب والسنة فقال:(أساس العقائد الإسلامية ككل الأحكام الشرعية كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم...

ويجب أن تعلم مع ذلك أن كل هذه العقائد يؤيدها العقل ويثبتها النظر ..)انتهى

قوله هذا يدل دلالة واضحة أن أول واجب على المكلف النظر العقلي..فقد ذكر الواجب بقول(يجب أن تعلم)...وأشار للأولية بقوله عن العقائد(ويثبتها النظر)..يعني العقائد الإسلامية التي أساسها الكتاب والسنة تثبت بالنظر العقلي..فالنظر سابق للعقائد الإسلامية لأنها تثبت به..فيلزم أن النظر العقلي أول واجب على المكلف ليثبت به العقائد الإسلامية..وهذا هو عين مذهب السادة الأشاعرة في أن أول واجب على المكلف النظر العقلي..وبالله التوفيق..يتبع..