تعنيف المربين معرة مسيئة إلى سمعة وطننا الغالي بين الأوطان
استاء الرأي العام الوطني كثيرا عندما اطلع على فيدويهات نشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي على أوسع نطاق وقد سجلت تعنيف المربين من طرف عناصر الأمن حين مارسوا حق التظاهر السلمي المضمون في دولة الحق والقانون من أجل تحقيق مكسب يرون أنهم أحق به وأهل له ، وهو لا يزيد عن تغيير صيغة انتسابهم إلى قطاع التربية من متعاقدين إلى مدمجين ليطمئنوا بذلك على مصيرهم ومستقبلهم ومستقبل أسرهم وأبنائهم ، وهو ما يحقق التطور والنجاح لقطاع التربية الذي يعود على الناشئة المتعلمة بالنفع ومن ثم على الوطن ، ذلك أن النفسية التي يشتغل بها المتعاقدون ليست هي النفسية التي يشتغل بها المدمجون فأولئك يعملون وهم مطمئنون بينما هؤلاء يعملون وهم في توجس دائم من قطع أرزاقهم التي يفضلون عنها قطع أعناقهم كما يقال .
ولقد تابع العالم بأسره العدو والصديق على حد سواء معرة تعنيف المربين في وطننا الغالي ، الشيء الذي يسيء إلى سمعته بين الأوطان ولا يليق بمقامه . وما كانت ليد مهما كان صاحبها أن تمتد لتعنيف يد تمتد إليه بمعروف العلم والمعرفة. وكان على من هان عليهم المربي أن يستحضروا أنه إليه يعود الفضل بعد الله عز وجل في محو أميتهم وإخراجهم من ذلها وهوانها إلى عز وشرف القراءة والكتابة والعلم والمعرفة . وعلى الذين عنّفوا المربين عندنا يصدق قول الشاعر :
فيا عجبا لمن ربيّت طفلا = ألقّمه بأطراف البنان
أعلّمه الرماية كل يوم = فلمّا اشتد ساعده رماني
وكم علّمته نظم القوافي = فلمّا قال قافية هجاني
أعلّمه الفتوة كل وقت = فلمّا طرّ شاربه جفاني
ومعلوم أن الشرع الإسلامي ينزّل المربين منزلة الآباء والأمهات ، وعقوق هؤلاء كعقوق أولئك لاشتراكهما في مهمة التربية النبيلة . وإذا كان مجرد قول " أف " للوالدين أو نهرهم من العقوق الذي هو كبيرة من الكبائر بعد الشرك بالله عز وجل، فكيف يكون حال من يعنّفهما ؟
ويجدر بالجهة المسؤولة عمن عنّفوا المربين أن تبادر بالاعتذار الصادق لهم ، وأن تتعهد بألا تعود إلى مثل ذلك مستقبلا صيانة لمصداقيتها إن كانت هذه المصداقية مما يعنيها وتهتم به ، ولا ترضى بما يسيء إليها .
وبجدر بالجهة المسؤولة عن المربين أن تصغي إلى مطلبهم حتى لا تضطرهم إلى التظاهر من أجل إسماع أصواتهم بما يطالبون به، فيتعرضون بسبب ذلك إلى الإهانة وهم أشرف من أن يهانوا لأنهم حماة التربية وصمام أمانها و رعاة الناشئة المتعلمة حق الرعاية ، وهي رأسمال الوطن ورافعته ليتبوأ المرتبة اللائقة به بين الأوطان .
فهل سيجد هذا النداء من مرب سابق غيور على التربية في هذا الوطن الغالي آذانا صاغية أم أنه سيظل صرخة في واد ؟
وسوم: العدد 921