نافذة على فقه الدعوة والتربية ( ٤ / ٥ )
الإمام حسن البنا بأقلام إخوانه وتلاميذه
زاد السائرين
وكتب الأستاذ سعيد رمضان – زوج ابنة الإمام البنا – في مذكراته يقول: «آه. قُتل حسن البنا بعد عشرين عامًا قضاها في جهاد مرير متصل الأيام والليالي، لن أنسى جولاته في الأقاليم لا ينام إلا ساعتين أو ثلاثة كل يوم وليلة، ولن أنسى سهره الليل عاكفًا في المركز العام أو في منزله أو في الشهاب على أعمال الدعوة، ولن أنسى دموعه التي طالما هطلت في غفلة من الناس على الإسلام والمسلمين. لم تمت يا فضيلة المرشد! لا والله الذي خلقك! لا والذي أنعم علينا بك! ومتّعنا بصحبتك، لقد فتحت قلوبنا على النور، ووضعت أيدينا على أول الصراط وجمعتنا يا حبيب من شتات، سنمضي إلى حيث كنت تدعو وتربي وتحترق بالليل والنهار».
وعن الإمام كتب الأستاذ محمد عبد الحميد أحمد واصفًا إياه: «رجل كأنما أفلت من الرعيل المحمدي الأول، جيل الوحي والمعجزات، جيل البطولة والأبطال ليعيش في جيلنا الحاضر، جيل الظلم والظلمات، جيل الرجال وأشباه الرجال، جيل الغاب المتحضر، والمخالب المكسوة بالقطيفة المخضبة بالدم الأحمر».
رجل لا يقاس بمقاييس زعماء العصر الحديث، بل يرتفع إلى عصر الدعاة الضخام كعمر بن عبد العزيز وابن تيمية. لقد كان حسن البنا (عنصر خلود) عجيب بين مقومات المادة ومعالم الفناء، كان (شحنة إلهية) فذة سَرَت في أعصابها أقباس النبوة، وأنوار الدعوة، وروح محمد – صلى الله عليه وسلم ـ، كان (شعلة حياة) عالية الجذوة تتوهج في ظلمات الناس فتفيض عليهم بأمواج النور والحرارة والسناء، كان (عنصرًا أصيلًا) من عناصر الطبيعة يعمل للإصلاح بفطرته».
وتحت عنوان حسن البنا العبقرية الفذة كتب الأستاذ محمد عبد الله السمان يقول: «وجاء حسن البنا ليقرّ في أذهان هذه الشعوب المسلمة، أن الإسلام دين ودولة، ومصحف وسيف، وقانون ونظام، ودستور وتشريع، وكفاح وجهاد. وليقر في ذهن المسلم أن مهمته في الحياة ليست مقصورة على التدين والتعبد، وإنما هي فوق هذا جهاد من أجل الإسلام حتى تكون له الكلمة العليا في الأرض، كما أن له الكلمة العليا في السماء».
وسوم: العدد 923