نافذة على فقه الدعوة والتربية ( ١ / ٥ )
الإمام حسن البنا بأقلام إخوانه وتلاميذه
زاد السائرين
أجمع كل من عاشر الإمام حسن البنا – زميلًا أو متعلمًا – على دماثة خُلقه، فقد كان في كل أموره حليمًا صبورًا، يواخي في الله، ويعمل بحق النصيحة وحقوق الأخوة.
يقول الأستاذ عمر التلمساني – رحمه الله: "كان رضوان الله عليه متئدًا في كل ما يفعل، يأخذ الأمور في هدوء المفكر، وصبر الحليم، وكأنّ ما حدث لم يحدث، ثم يبدأ العلاج في حِنكة وخِبرة ودراية، وكان ذلك سببًا في سلامة الدعوة طوال حياته من الهزات العنيفة التي تعطل المسيرة، فكان يعالج المشاكل بما يذهب بها في هدوء”.
ويقول أيضًا عن دينه: «فكان من أشد جيله اقتداءً برسول الله ﷺ وغيرةً على أمّته ودينه بالعمل والجد».
أما علاقته بالناس فيقول: «كان حريصًا على المؤاخاة في الله فكان يقول: (إن لم تُرِد أن تكون أخًا نسعد بك، فلا أقل من أن تكون صديقًا نرتاح إليك)، ولهذا لم يكن هناك من يجفو حسن البنا إلا من كان لا يريد شرع الله».
وعن سماحته وخلقه يقول: «أيها الحبيب: أية ناحية من نواحيك يستطيع هذا القلم الهزيل أن يتحدث عنها؟ وكل نواحيك كريم جليل. حُنُوّك علينا؟ بِرّك بنا؟ كنت تحنو حتى لنلمس الحنان مجسمًا، وتدنو حتى يُخيّل إلينا أنك صِنونا. أيها الحبيب: لقد صاغك الله بقدر، فجئت على قدر، وكذلك الأفذاذ، ومنحك الله المدد، فغاض من معينك الصافي، ونبعك المتدفق، أعطر وِرْد ينهل منه الناهلون، لا مددُك ينتهي ولا هُمْ يرتوون».
وتحدث الشهيد عبد القادر عودة – رحمه الله – عن دعوته فقال: «لقد دعا حسن البنا الناس إلى أن يفهموا الإسلام على أنه قوة وعزة وكرامة، بعد أن فهمه الناس على أنه ضعف واستعباد واستسلام، ودعا الناس إلى أن يفهموا الإسلام على أنه عدالة ونظافة وحرية ومساواة، بعد أن أرهقت المسلمين المظالم، وفشت فيهم المآثم، وبعد أن فقد المسلمون حريتهم وزالت دولتهم. ودعا المسلمين إلى أن يفهموا الإسلام على أنه اتحاد بين أفرادهم، وتوحيد لبلادهم، وأنه أخوة بين المؤمنين وتعاون وتضامن بين المسلمين».
وتحدث عودة عن أبرز سمات الإمام فقال: «لقد كان أبرز ما في الإمام البنا رجولته الكاملة الناضجة، تلك الرجولة التي كَمُلت ونضجت بكمال الإسلام في نفسه وإخلاصه لله في عمله وقوله، فما عَلِم عليه الناس أنه عمل لهوى أو سكت لمنفعة، أو جامل قويًا، أو كتم كلمة حق، وإنما هو التجرد للحق في كل الحالات وفي جميع الظروف».
وسوم: العدد 923