إرضاء الناس غاية لا تدرك .. فهل تترك ؟
في الحكمة الدارجة ، وهي من كلام الإمام الشافعي ، أنه قال : رضى الناس غاية لاتُدرك!
وفي الحديث الشريف ، أن رسول الله قال : مَن التَمس رضا الله بسخط الناس ، كفاه الله مؤنة الناس ، ومَن التمس رضا الناس بسخط الله ، وكله الله إلى الناس !
فما المقصود بإرضاء الناس ؟
واضح أن المقصود ، هنا ، هو إرضاء الناس ، جميعاً ، وهو مطلب مستحيل ؛ فالناس أهواء ومشارب متنوّعة ، وعقول مختلفة ؛ فما يرضي هذا يغضب ذاك ، وما يعجب هؤلاء ينفر منه أولئك ؛ لاسيّما في مجال المنافع والمصالح والمضار! وقد قال الشاعر، قديماً :
كذا قضت الأيامُ مابين أهلها مصائبُ قوم عند قوم فوائد !
لكن ، إذا كان رضى الناس ، جميعاً ، لايدرك ، فهل يُترك كلّه ؟
الجواب لا ! فلا بدّ من الحرص على رضى بعض الناس ، بما لا يُسخط الله ! وقد قال الله لنبيّه :
(فبما رحمة من الله لنتَ لهم ولو كنتَ فظّاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك فاعفُ عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمتَ فتوكّل على الله) .
وأوّل من يجب عليه كسب رضا شعبه ، الحاكم الذي يتولى مسؤولية الناس ، ومسؤولية المحافظة على : نفوسهم ، وأخلاقهم ، وأرزاقهم ، وأوطانهم ..!
وهذا معروف ، في سائر مجالات الحياة !
فإذا كان مفرّطا بشيء من هذا ، أو مضيّعا له ، نفر منه الناس ، وحرصوا على إزاحته ، بالطرق الكفيلة بذلك !
ومن الذين يجب عليهم كسب رضا الناس : أصحاب الحرف والمهن ، الذين يتعامل معهم الناس ؛ فمن كان سيّء المعاملة ، أو ضعيفاً في عمله ، أو غير متقن لمهنته .. انفضّ عنه الناس ، وعاش عاجزاً عن كسب رزقه ! حتى زبائنه الحريصون على نجاحه وعلى نفعه ، ينفضّون عنه ، إلى مايحقّق أهدافهم ، ويقدّم لهم الجيّد من العمل ، بأخلاق حسنة ! بل قد ينفضّ عنه أقاربه الأدنون ، إلى الصانع الماهر، ذي الخلق الحسن !
وسوم: العدد 923