سد اتاتورك - سد النهضة.. مقارنة فنية وسياسية
اعزائي القراء ..
عندما تم انجاز سد اتاتورك لم تحصل ضجة كبيرة ناتجة عن خلافات بين تركيا و دول المصب وهما سوريا والعراق، بعكس الضجة التي رافقت بناء سد النهضة الاثيوبي
وقد يعود مرد ذلك الى ثلاث نقاط .
الاولى العلاقات التاريخية والروابط الدينية بين دولة المنبع وسوريا والعراق حالت دون تصعيد بين هذه الدول . والنقطة الثانية ان الحلول كانت وفق الاتفاقات الدولية واستجابت جميع الاطراف لها ،والنقطة الثالثة هي لم تصل بعد سوريا او العراق الى حالة الفقر المائي واذا عدنا الى دراسات في سوريا حول مصادر المياه فيها نجد التالي :
يقدر عائدات المياه السورية من واردات مصادرها المائية ب ٤٥،٨ مليار مكعب سنويا من مياه الامطار و ٣٣ مليار متر مكعب من الانهار الداخلية والدولية, و ٦ مليارات مكعب من الينابيع الجوفية, بينما مجموع الموارد المتاحة للاستثمار من المياه الآتية من الانهار والينابيع والأودية والمياه الجوفية لا يتجاوز ٢٢ مليار متر مكعب سنويا. ورغم ان سوريا تعد من الدول محدودة الموارد المائية الا انه ليس هناك خطر حقيقي يهدد امدادات المياه للنشاطات الصناعية والخدمية لانها لاتستهلك اكثر من ١٥% من وارداتها ،بينما تستهلك الزراعة حوالي ١٠ مليارات مكعب سنويا ويستهلك السكان ٤،٧% من المياه الكلية المستخدمة, واثناء تطبيقاتنا الهندسية فاننا نقبل استهلاك الفرد اليومي من المياه بحدود ١٥٠ - ٢٠٠ لتر ماء يومياً وبذلك نقول ان سوريا في وضع لم تصل بعد لحالة الفقر المائي ولكن سوء توزيع المياه قد يكون السبب وراء افتقار بعض المناطق للمياه.
اما الحالة المصرية فالوضع مختلف، وقد يتسبب سد النهضة بحالة فقر مائي شديدة ان لم يتم تداركها من الان فالخلاف والتهديدات بدأت بين اثيوبيا ودول المصب ولن تنتهي رغم تدخل الدول الافريقية وتصريحات اعلامية امريكية لحل هذا الخلاف .
والمشكلة ان العلاقة الاثيوبية مع مصر والسودان يسهل التلاعب بها لغايات سياسية علماً ان حجم سد النهضة هو اكبر من احتياجات اثيوبيا بعدة مرات .
والمخاوف المشروعة لمصر والسودان وخاصة مصر تكمنُ في فُقدان كمّيات كبيرة من مياه نهر النيل تقدر بحوالي ٢٥ مليار متر مكعب ، كما أنّ نقص مخزون المياه للسدّ العالي سيُخفِّض من إنتاجه للكهرباء بنسبة تتراوح بين ٢٠%-٤٠% وهذا النقص تسعى اثيوبيا لتعويضه ببيع الكهرباء لمصر والسودان ، فتبقى هاتان الدولتان تحت الضغط الاثيوبي والتي هي بدورها تحت النفوذ الصهيوني.
تعالوا نتعرف على السدين .
اولاً : سد اتاتورك
سد أتاتورك هو سد على مجرى نهر الفرات يقع في محافظة أورفة.
يعد سد أتاتورك واحداً من أكبر السدود الركامية في العالم حيث تم بناؤه بالصخور والخرسانة والردم ويبلغ ارتفاع السد ١٨٤ متراً وطوله ١٨٢٠م.
عدد توربينات توليد الطاقة الكهربائية ٨ وحدات بقدرة ٣٠٠ ميغاواط ساعي لكل توربين ، تولد سنوياً ٩ مليار كيلوواط ساعي من الكهرباء.
البحيرة الصناعية خلف السد تبلغ مساحتها السطحية ٨٢٠ كم مربع ويبلغ حجم المياه المجمعة في السد قرابة ٥٠ مليار متر مكعب
ثانياً : سد النهضة الاثيوبي
سَدّ النهضة الإثيوبيّ هو واحد من أضخم السدود في العالَم. يتمّ إنشاؤه في نهاية نهر النيل الأزرق، بهدف توليد الطاقة الكهربائيّة للاستهلاك المحلي ، وتصديرها إلى دُول الجِوار لكي تبقى هذه الدول محكومة لها؛ حيث يحتلُّ السدّ مراتب مُتقدِّمة من بين سدود العالَم، وذلك من حيث المقدرة على توليد الطاقة الكهربائيّة،
المُكوِّنات الرئيسيّة، هو سد خرسانيّ يمتدُّ على مجرى نهر النيل الأزرق، بطول يبلغ ١٨٠٠ متر، وارتفاع نحو ١٤٥ متر. مع سَدّ مُكمِّل (سرج) يمتدُّ على طول ٥ كم، ويبلغ ارتفاعه نحو ٥٠ متر. لتوليد الطاقة الكهربائيّة باستخدام توربينات على جانبَي النهر. تبلغ مساحة البحيرة خلف السد حوالي ٩٠٠ كم مربع. يضمُّ سَدّ النهضة ١٥ توربين لانتاج الكهرباء . تبلغ قدرة كلٍّ من هذه الوحدات حوالي ٣٥٠ ميجاوات( قريبة من قدرة توربين سد اتاتورك)، وبذلك تكون قدرتها مُجتمعة نحو ٥٢٢٥ ميجاوات( ضعف اجمالي انتاج الكهرباء من سد اتاتورك )علماً بأنّ سَدّ النهضة بهذه القدرة الإنتاجيّة يحتلُّ المرتبة الأولى في أفريقيا، والعاشرة في العالَم ضمن قائمة أكبر السدود إنتاجاً للطاقة الكهربائيّة.
السعة التخزينيّة النهائية : مع رفع الحاجز إلى ارتفاع ١٧٠ متر ، ستصل السعة التخزينيّة لـ ٧٤ مليار متر مكعب، و هي مساوية تقريبا لحصتي مصر و السودان السنوية من مياه النيل، وتشكل تقريبا مرة ونصف من الطاقة التخزينية لسد اتاتورك .
ختاماً اقول
ان الحروب القادمة هي حروب مائية ، مصر والسودان ستقعان في حالة عجز مائي كما ذكرت اعلاه سيؤدي الى عجز كهربائي ، والعلاقات الاثيوبية - المصرية السودانية هشة وتتلاعب بها المصالح الدولية ، ودعم اسرائيل لاثيوبيا من وراء ستار ، يعني انها تريد حصتها ايضآ من مياه النيل فلديها حلم قديم بتحويل صحراء النقب الى اراض زراعية بامتياز بتمديد مواسير تحت قناة السويس الى النقب .
والسؤال ماذا سيبقى لمصر والسودان بعد ذلك وخاصة مصر؟ .
هذه رسالة لشعب مصر اولاً من ان المناورات الاعلامية من قبل حكام الانقلابات لن توفر قطرة ماء للشعب المصري .
وسوم: العدد 924