وكتبت إليّ تسألني ...
في إطار الرسائل المحدودة عن الألغاز الرمضانية، التي هدفت منها إلى تعريف دائرة من الناس بشخصيات إسلامية كان لها موقف ودور في تاريخ الإسلام..
كتبت إلي تسألني: اجعل للنساء المسلمات من جهدك نصيبا !!
سألتْ، وما درت أنها وضعت يدها على جرح ما يزال يثعب دما . ويثعب ، تعني في لغة العرب ، يتدفق دما عبيطا ساخنا ، والجرح الذي يثعب غير الجرح الذي يسيل.
وأكبر المشكلة في قوم يقولون لك، وبكل الإصرار والتباهي والعنجهية أيضا "ماكو مشكلة" "نو بروبلم" "مشكل نيست" "مشكل يوق" حتى جارتي الهندية "جاسمين" أن كلمة " مشكل " انضمت إلى معجمهم اللغوي .
رجعت إلى السيرة النبوية في عهديها فوجدت أسماء لامعة متألقة أول شهيد في الإسلام كانت شهيدة، كانت خديجة ثم كانت شهيدة اسمها سمية ، وفِي مكة كانت الأولى في الإسلام خديجة ، أعجب كيف ضمرت في قلوبنا صورة أمنا خديجة، وكانت أسماء ذات النطاقين لمن نسي، وكن المهاجرات الحبشة، وكانت بنات النبي " ارجعوا إلى كتاب بنت الشاطئ" ثم كانت المبايعات في بيعة العقبة، وكان جيل من أسماء لامعة تستطيع أن تعد منهم ما شئت فاطمة وعائشة وزينب وزينب وحفصة وصفية ونسيبة والربيّع والتي جادلت ، والتي قامت فقالت نعم " يا رسول الله إنهم ليتحدثوا وإنهن ليتحدثن ، والتي قالت " والله يا رسول الله إنني لا أنقم عليه في دين ولا خلق" ، ولو تتبعت مع محدودية الزمان والمكان والسكان لظفرت بخير كثير وشخصيات منهن ومنهن ومنهن ..
ثم تسرح في تاريخ عريض أريض ، تحمل مصباحك وسط النهار تبحث عن ...
يخبرك المحققونً ان حكاية خولة بنت الأزور كانت حلما ، وأن سيرة " الأميرة ذات الهمةً" كانت سيرة في فراغ ، لا حقيقة لشخصياتها، فلا الأميرة " ذات الهمة "ولا الأمير "عبد الوهاب " ولا " أبو محمد البطال" ممن يعرف له زمان ولا مكان ، هو مجرد إبداع فني خالص، بروح دعوية متوهجة ، ربما تقديمها في فيلم سينمائي أقرب لروح العصر من النصح بقراءتها كملحمة من ملاحم الجهاد. سمعت من جيل متقدم أن دعاة كبارا كانوا يحضون على قراءتها ، وما أجملها سيرة للأطفال مع سيرة الظاهر بيبرس وحمزة البهلوان وفيروز شاه وسيف بن ذي يزن ...
كل أولئك تستحق القراءة والتأمل لمن شاء .
وحتى لا يسبقني سابق، في ذكر فضل النساء ، فأنا احفظ أن في المدرسة العلمية كان هناك راويات للحديث وفقيهات وقارئات. وقرأت في كتاب الفروق للقرافي أن من الفرق بين الرواية والشهادة، أن رواية المرأة كرواية الرجل، ولكنني أبحث في تاريخ الإسلام العريض الأريض عن مثل عائشة تقود الجيش رضي الله عن أم المؤمنين. عن مثل نسيبة الخزرجية تنافح في أحد بين يدي رسول الله ، عن مثل الربيّع بنت معوذ تقول : كنّا نغزو مع رسول الله فنداوي الجرحى ونسقي العطشى ... في مجتمع النظافة يكون كل شيء نظيفا، وحين يتلوث الإنسان يتلوث حتى فكره وعلمه ... وإلا فأخبروني كيف تداوي النساء الجراح على : قاعدة لا مساس .
وأعود إلى فضاء الثورة التي نعيش ..
وأقول لقد دفعت المرأة السوريةً الثمن الأكبر في كل الذي جرى ويجري ، كانت وهي القاعدة الأصلب والأبقى في نظر الجميع الحلقة الأضعف والأهون ..
حتى عندما تشرك في الأمر تشرك كقطعة من قطع الأثاث. كان أحد أساتذة الجامعة في دمشق ، ونظل نستطرف ونستظرف قوله ، يظل يعير المرأة بأنوثتها ...
وينسى وهو العمدة في الشعر العربي والأدب العربي قول ليلى الأخيلية :
تعيرني داء بأمك مثله .. وأي حصان لا يقال لها هيا
اعتقلت المرأة السورية وعذبت في شر أتون فكان الذي تعلمون ، قصفت وشردت فكان الذي تتابعون ، قُتل الولد فكانت الثكلى ، وقتل الزوج فكانت الأرملة .
ثم تلفتوا حولكم لتسألوا كم من أسمائهن تحفظون ؟!!!
مشكلةً كبرى في تاريخ يمتد على ١٤٠٠ عام وأعظم المشكلة في متكئ على أريكته يقول : لا مشكلة ...
نعم سأدبلج ألغازاً عن رابعة العدوية وشجرة الدر ، وعائشة الباعونية..
وانتظريني يا ابنتي وأرجو أن يكون في أسمائكن ألغازا جميلة يفخر بها الحفيدات والأحفاد ...
وسوم: العدد 925