من ليس منحازاً ، فهو مذبذب ، بالضرورة ! والانحياز هو التمسّك بمبدأ ، صحيح أوفاسد!
وصف المذبذب ليس من عندنا ، بل هو وصف ربّاني ؛ إذ قال ربّنا عن بعض الناس : (مذبذَبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ..).
والانحياز إلى فكرة أو موقف أو رأي ، أمر ضروري عند العقلاء ؛ لاسّيما العاملين في الحياة العامّة : الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتربوية ، وغيرها ، ممّا يحتاج رأياً وموقفاً ! ولا يعني هذا أن رأيه صحيح ، بالضرورة ! وينسحب هذا على فكرته و موقفه ! فالمهمّ في المسألة ، أن يكون من أصحاب العقول والإرادات ، الذين يمكن أن يصدّقهم الناس ، أو يتبعوهم ، أو يلتفّوا حولهم .. أو يخَطئوهم في بعض المسائل ..!
أمّا من لم يكن له رأي مستقلّ ، أو فكر مستقل ، أو موقف مستقلّ .. ويؤيّد الآخرين ، أو يوافقهم ، أو يصفّق لهم .. وينظر إلى الصوت الأعلى ، أو المصلحة الذاتية التي يحظى بتحقيقها ، عند زيد أو عمرو ..أو يرى كثرة المؤيّدين لشخص ما ، فيؤيّده ، أوكثرة المعارضين لإنسان ما فيعارضه..أمّا هذا الطراز من البشر، فهو عالة على مجتمعه وأمّته؛ لأنه خارج عن حساب كلّ عاقل ، من المهتمّين بالشأن العامّ !
والعناصر المحسوبة على هذا الصنف من الناس ، كثيرة ، في كلّ مجتمع ، وفي كلّ تجمّع بشري ! وبعض المتنبّئين من الصحفيين وغيرهم ، ينظر إلى هذه الفئة ، نظرة خاصّة ؛ فيراها هي التي يَنتظر منها الساسة ، أن تحقّق لهم فوزاً في الانتخاب ، في أيّ مجلس تمثيلي ! وبعض الناس يسمّي هذه الفئة من الناس ، بالفئة الصامتة ! كما يسمّيها بعضهم: الفئة غير المنحازة ، أو المتردّدة .. أو غير ذلك من التسميات ! وأيّاً تكن التسمية التي تطلق على هؤلاء ، فليس ثمّة تسمية تناسبهم ، أكثر من تسمية المذبذبين ! وهم ، وإن كانوا عبئاً على المجتمعات السياسية ، عامّة ، لهم فوائد ، يسعى بعض الساسة إلى الحصول عليها ، ثمّ لايبالي ، بأيّ وادٍ هلك هؤلاء المذبذبون !
وسوم: العدد 933