بعض السجّانين أصحاب ضمائر حيّة ، وأكثرهم مبتلون بالأمراض ، ولكلٍّ ثمنٌ ، أو ضريبة !
السجانون الذين يعملون في سجون الظلمة ، في زنازين القهر السياسي ، أكثرهم مبتلون بأمراض مختلفة :
منهم من أصيب بشخصه ، ومنهم من أصييب بعض أفراد أسرته ؛ ولاسيّما أولاده ! وكثير من هذه الأمراض مُعدية ، تنتقل بين أفراد الأسرة ، فتضيب الأبناء جميعاً !
أحد الذين عرفناهم ، وهو بسيط في تفكيره وفي منطقه ، كان أفراد أسرته يصابون بقرحة في سقف الحلق ، والمرض يتنقل بينهم واحداً واحداً ، وهو يتحدث عن هذه العلة ويشكومنها باستمرار، أمام زملائه الجلاّدين ، وأمام السجناء الذين يعذّبهم عند التحقيق معهم ! وهو لايعرف كيف يتصرف ، وكلّ مايجيده هو الشكوى ! ولن نتحدّث ، هنا ، عن فقر الحال ، بسبب ضآلة الراتب ، الذي يقبضه لقاء عمله في سجون الظالمين ؛ إذ لايكاد أحد هؤلاء الجلادين يتقاضى ما يسدّ حاجته وحاجة أسرته ، من الطعام والشراب وإيجار المنزل الذي يقيم فيه ، وهو منزل بائس ضيّق ، لايكاد يتسع لأفراد الأسرة ! وإذا قيس إلى منازل القادة ، الذين يشرفون على عمله ويكلفونه بتعذيب الأبرياء .. يُعدّ قبراً تتكدس فيه أسرته الشقية !
وما ذكرناه هنا مجرّد مثال أو نموذج ، للعاملين في هذه الزنازين البائسة ، وقاعات التعذيب البشعة !
أحد الجلادين المعروفين بالقسوة ، في معاملة السجناء السياسيين ، كُسرت رجله في مكان منها يعيق حركته ، ويضطرّه إلى رفعها باستمرار، معلقة فوق سريره ! وظلّ شهوراً على هذه الحال ! وكان يرى الرجال يدخلون إلى عند نسائه ، من زوجة وبنات ، ولا يستطيع أن يفعل شيئاً ؛ وإلاّ فإنهن ينهرنه ويسمعنه كلاماً سيّئاً !
وهذا أحد النماذج المعروفة أيضاً ، في مهنة التعذيب ، التي يمتهنها الظلمة ، ويكلفون بتنفيذها الصغار، من الموظفين العاملين في المهنة !
ولا بدّ من التذكير، بأن طيبة القلب لا تعني الامتناع عن الفعل البشع ؛ بل قد يكون أطيبُ الناس قلباً أكثرهم إمعاناً في الإجرام ؛ وذلك لإرضاء رؤسائه ، الذين يثنون عليه ، ويمجّدون فعله ، الذي يدلّ على إخلاصه في عمله ، كما يوهمونه !
وسوم: العدد 933