ممنوع على الشعوب العربية ان تستيقظ، سوريا مثالاً...
أعزائي القراء ...
كونك طالباً في الثانوية وتجتهد في تقييم حكامك من خلال خطبهم الرنانة شيء ..وعندما تدخل الحياة العملية وتوسع مداركك بالسياسة ودهاليزها وتتعرف على الصالح والطالح منهم شيء آخر، فالكثير منا على سبيل المثال وانا منهم وفي عهد الرئيس عبد الناصر كنا نسهر الليالي لسماع خطاباته الرنانة والتي كانت تتلى على مسامعنا بإسلوب جديد لم نتعود عليه فنعجب بها ونرددها في مدارسنا .ونقف بالطابور ساعات ونحن بلباس الفتوة لنحظى برؤية الرئيس عبد الناصر اثناء زيارته مدينتنا ، يومها من كان يتجرأ من الحكام العرب على شتم بريطانيا بالخمسينات ؟ ومن كان من الحكام من يتجرأ على قول: سنرمي باسرائيل بالبحر غير عبد الناصر؟ كانت الخطب الرنانة هي مصدر ثقتنا بانفسنا وبحكامنا. ولكن مع الاسف علمنا لاحقاً وبعد ان تعرفنا على السياسة ان الأحلام الوردية لاتبنى بالخطب فلحقت بنا الهزائم والنكسات .
ولكن كيف كان حال سوريا قبل خمسينات القرن الماضي الذي اضعناه بالاستماع للخطب الرنانة .
تعالوا نأخذ درساً وعبرة :
استقلت سوريا عام 1946 ورغم نكسات الانقلابات المصطنعة والمصنعة من قبل مخابرات الغرب فانها حققت في العهد الديموقراطي القصير تقدماً اقتصادياً عجزت دول اخرى عن تحقيقه لسبب واحد هو ان الشعب الواعي مع حكومة ديموقراطية ومحاسبة برلمانية حتى لرئيس الجمهورية وقضاء عادل هو الذي اوصل سوريا للقمة ،ففي معظم محافظات سوريا كانت هناك ثورة اقتصادية ، قادتها دمشق وحلب .
وسأضرب نموذجاً واحدا"حتى لايطول بنا المقال .
الشركة الخماسية في دمشق
في مطلع عام 1945 اي حتى قبل جلاء الفرنسيين بسنة كاملة ، اجتمع خمسة تجار من كبار عائلات دمشق، وقرروا توحيد رأس مالهم وجهودهم في مشروعٍ اقتصادي ضخم عُرف باسم "الشركة التجارية الصناعية المتحدة المساهمة المغفلة"، أو "الخماسية" نسبة لمؤسسيها الخمسة..
حقق هؤلاء الصناعيون والتجار إنجازاً باهراً، ليس فقط على مستوى سورية، بل على مستوى العالم العربي كله، ارتبط تاسيسها عضوياً مع العصر الذهبي للاقتصاد السوري في خمسينيات القرن العشرين. ولو سُمح للتجربة أن تنمو وتستمر، لكانت نقلت سوريا الوليدة من العالم الثالث إلى أرفع درجات الدول الصناعية الحديثة، ولكنها أُجهضت كلياً في زمن الوحدة وما بعده ، وتعرّض أصحابها لأبشع أنواع الترهيب، لتتحول "الشركة الخماسية" من قصة نجاح عظيمة إلى مأساة رهيبة.
واذكر يومها وفي ستينات القرن الماضي كيف نقلت حلب خبراتها بالنسيج الى المغرب لأجد اقمشة الططري في ارقى محلات الاقمشة في مدينة فينيسيا الايطالية .
كانت الطبابة في الشركة "الخماسية" مجانية، ويصرف لعمالها راتب شهر إضافي في نهاية كل عام. إضافة لخمسة وعشرين بالمئة من أرباح الشركة تصل أحياناً إلى 250 ألف ليرة سورية توزع عليهم في نهاية السنة المالية. ولعل الشركة "الخماسية" كانت أول شركة سورية تُدخل المكيفات الحديثة على صالات عُمّالها لاراحتهم .
حُدد رأس مال"الخماسية" بعشرة ملايين ليرة سورية، وتم رفعها عام 1948 إلى خمسة عشر مليوناً لشراء معمل للنسيج من أمريكا، قوامه 400 آلة نول، بعد أن قرر المؤسسون توسيع أعمالهم لتشمل الصناعة والتجارة معاً. كان هذا الرأس مال هو الأكبر في تاريخ سورية الصناعي، في وقت كانت ميزانية الدولة لذلك العام لا تتجاوز 107 مليون ليرة سورية.
بدأت "الخماسية" الإنتاج في معمل غزل القطن والحرير، وتنوّعت أنشطتها لتشمل التريكو، صبغ الأقمشة ثم بيعها في الأسواق المحلية والعالمية، قامت أيضاً بشراء معمل للصابون مجاور لمعملها في منطقة القابون، وأسست مصنعاً للصابون الكيماوي أسمته "رايد"، أضيف الصابون والزيوت النباتية لمنتجات "الخماسية"، كما ساهم المؤسسون الخمسة في معامل صناعة السكر والزجاج وفي محالج القطن في مدينتي حماة و إدلب وانتجت معاملها ارقى الكونسروه في المنطقة العربية.ثم اتجهت لتصنيع السيارات وفق الستاندرد الالماني ولكن سيف التاميم عاجلها .
ولتلبية حاجاتها الإنتاجية الضخمة، قامت "الشركة الخماسية"بإنشاء محطة خاصة لتوليد الكهرباء لمنشأتها الصناعية، ووصل عدد عمالها وموظفيها إلى 5000 عامل وفني واداري ومهندس ، وعند تبديل الورديات، كان طريق القابون يقفل تماماً نتيجة الازدحام الشديد من تدفق العمال على دراجاتهم حيث تقوم الشرطة يومياً في موعد الانصراف بتامين المرور لهم ، وكان الناس يتهافتون على إيجاد فرصة عمل في الخماسية نتيجة حسن معاملة أرباب العمل والراتب الشهري وتوزيع الارباح والطبابة المجانية.
وفي مطلع الخمسينيات، أصبحت "الشركة الخماسية" معلماً من معالم سورية الحديثة، تدرج زيارة منشأتها على جدول أعمال كبار الزوار وضيوف الدولة، مثل ملك الأردن الحسين بن طلال، الذي جال في معامل "الخماسية" عند زيارته دمشق عام 1956، وتلاه العاهل السعودي، سعود بن عبد العزيز، وعند إعلان الوحدة مع مصر في شباط 1958، تفاءل مؤسسو الخماسية برئيسهم الجديد جمال عبد الناصر، وشاركوا الشعب السوري احتفالاته التي استمرت سبعة أيام بلياليها.
حضروا جميعاً حفل تكريم أقامتهُ غرفة تجارة دمشق للرئيس القوتلي في نادي الشرق، بعد تنازله عن الحكم لصالح الرئيس عبد الناصر، وخطب أحد المؤسسين، وهو عادل الخجا، الذي كان رئيساً لغرفة التجارة يومها، مخاطباً عبد الناصر بالقول: "نحن تجار دمشق وصناعيها نأمل منكم يا سيادة الرئيس أن تكونوا خير خلف لخير سلف".
وفي خريف عام 1960 زار دمشق عزيز صدقي، وزير الصناعة المركزي في جمهورية الوحدة، وأقيمت له مأدبة عشاء في نادي الشرق أيضاً، حضرها جميع أعضاء مجلس إدارة الخماسية، خطب خلالها الضيف المصري موجهاً كلامه للصناعيين بالقول: "نتأمل منكم أن تعملوا لأجل توسيع أعمالكم ورفع جودة منتجاتكم في الإقليم الشمالي، وهذا رجاء سيادة الرئيس جمال عبد الناصر".
لم يتوقع أحد منهم أن يكون التأميم على الأبواب،
فصدر في القاهرة وعلى عجل قراراً يقضي بتأميم كافة المصانع والشركات" وانتهى الحلم الجميل الى نهاية مفزعة .
وظن العمال ان المصانع المؤممة هي ليلة القدر بالنسبة لهم وكانت بالعشرات ، وظن الفلاحون ان الاراضي التي استملكوها ستكون تحت ملكيتهم جنات عدن ، فلا العمال حصلوا على مرادهم فتحولت المعامل الى وسيلة للسرقة من قبل مدرائها ( الوطنيين) فافلست ،وضعف المحصول الزراعي وانتهى كل شيء ليتم تدمير سوريا على دفعات حتى اوصلوها بالنهاية الى آل البهرزي ليكملوا عليها و ليبنوا فيها اقتصاد الفساد والافساد و ليحولوا سوريا الى مزرعة طائفية ثم ينتهي حقدهم بتدمير سوريا ويهرب معظم السارقين خارج الوطن ومازال السارق الاكبر جالس على انقاض سوريا يحصي امواله بينما يتساقط الشهداء تحت شرفات قصره وفي كل مدينة وقرية.
اعزائي القراء
سوريا استطاعت بعد جلاء الفرنسيين مباشرة النهوض بسوريا دون تاخير ، ولكن هناك امل واعد ان نعيد بناء سوريا اليوم بعد إجتثاث هذه العصابة من جذورها ، ولكن اقول لكم بصراحة ومن واقع خبرتي لن نستطيع ان نعيد البناء بفترة قياسية كما فعل اباؤنا بعد جلاء الفرنسيين لان حقد البهرزيين على معظم ابناء الشعب السوري كان اشد واثقل والتدمير كان ساحقاً ولم يعد هناك شيء اسمه البنية التحتية ، فلم يجرؤ الفرنسيون على فعل ما فعله البهارزة.
هل عرفتم لماذا يرفض الغرب والشرق نيل حريتنا واسترجاع كرامتنا ؟
ايها السوريون ..
لاتنسوا ثورتكم لانها امل احفادكم
واملنا كبير بالانتصار باذن الله
اتحدوا تنتصروا
وسوم: العدد 952