ليت الجد يجمع بين العرب كما جمع بينهم اللعب

في الوقت الذي تسود فيه الخصومات والصراعات والفرقة العرب بسبب الخلافات السياسية العميقة  بين من يحكمونهم ويسوسونهم ، اجتمعت فرقهم الكروية من أجل بطولة عربية  في  دولة قطر. ومؤسف جدا ألا يجمع بينهم الجد كما جمع بينهم اللعب . ولقد آلمني حين أخبرت بأن هذه البطولة اختير لها حكام من غير العرب حرصا على مصداقيتها إذ لو اختير لها حكام عرب لغابت  تلك المصداقية ،وفشلت تلك البطولة بسبب غياب تجرد هؤلاء الحكام من التأثر بالأجواء المؤسفة  السائدة في الوطن العربي .

ومع أن لعبة كرة القدم يراد بها الفرجة ، فإنها لا تخلو من تنافس بين الفرق الرياضية من أجل الظفر بما ينتهي إليه هذا التنافس من ألقاب وكؤوس ، ولا تخلو أيضا من أخطاء ومخلفات غير مقبولة في قوانين هذه اللعبة، والتي قد تعرض من يرتكبونها إلى عقوبات تكون عبارة عن بطاقات صفراء أوبطاقات حمراء تتسبب في الطرد ، وهي عقوبات تنصف المعتدى عليهم ، وتعاقب المعتدين .

 وليت هذه القوانين المطبقة في اللعب تطبق  أيضا في الجد بالنسبة  للعرب بحيث يوجد من بينهم  من يضطلع بالتحكيم فيما يشجر بينهم لرد الطائفة الباغية عن بغيها كما أمر بذلك الله عز وجل في محكم التنزيل . ومع شديد الأسف والحسرة لا وجود في الوطن العربي من يقوم ب هذا الواجب الشرعي الذي شرعه الله عز وجل بحيث يكبح جماح البغاة ، وينصر ضحايا البغي .

وإذا ما تأملنا اليوم أحوال العرب في مشرق وطنهم ومغربه ، نجد البغي سائدا بينهم مع غياب من يضطلع بمنعه  ، فمن ذا الذي  يجرؤ على منع أنظمة شمولية من بغيها على شعوبها ؟ ومن ذا الذي يجرؤ على منع أنظمة يجور بعضها على بعض وتدفع شعوبها الثمن غاليا بسبب ذلك ؟

وإذا كنا كعرب كما حكّمنا  في أمر لعبنا حكّاما أجانب، فإننا نفعل نفس الشيء بالنسبة لأمور جدنا لأننا كما لم نرض  بحكام منا في أمر لعبنا لانعدام الثقة في نزاهتهم ، لا يمكن أن نرضى بهم في أمور جدنا ، وليت من نحكمهم في أمور جدنا يكونون في مستوى نزاهة من نحكمهم في أمر لعبنا .

وفي الأخير نقول  إنه من المحزن والمؤسف جدا أن نجتمع ونتصافح  في اللعب ولكن نختلف ونفترق ونتنافر في الجد. ونتمنى أن يستفيد من يسودوننا  من تجربتنا في مجال  اللعب ونقلها إلى مجال الجد . وليت البلد الذي احتضن بطولة اللعب أو غيره يحتضن  قريبا بطولة الجد.