الرؤية اليهودية للثورة السورية .. على لسان يهود سوريين ..!!

اشتغلت وكالات الأنباء الشهر الماضي 11/ 2021 بخبر زيارة مجموعة من يهود الولايات المتحدة، سوريي الأصل إلى سورية. وتعاقب المحللون على تفاصيل الرحلة، وأطرافها، والضيف والمضيف، والمستقبل والميِّسر، واهداف الرحلة وأبعادها..،

ومهما يكن من أمر فإن من حقنا أو من واجبنا أن نعلن نحن السوريين، أننا لم نكن قط ضد أي مكون من المكونات المجتمعية في قطرنا...لم نكن نحن المسلمين، ضد مسيحي أو يهودي، لم نكن نحن العرب ضد كردي أو آشوري، لم نكن نحن أهل السنة ضد علوي أو درزي أو اسماعيلي.. ولم تكن الوحدة الوطنية تعاني، إلا عندما باشر بعض هؤلاء الحرب للأخرين..

وأننا - مع الحرج - الذي سببه قيام الكيان الصهيوني بخلفيته الدينية، لليهود أنفسهم، فإنهم ظلوا يعيشون في الوسط الاجتماعي، الذي هم فيه حياة لم يحظ بها كثير من السوريين من غيرهم..

وكان قرار اليهود السوريين الهجرة أو الفرار من سورية إلى الجنة الموعودة، أو أرض الميعاد، قرارا فرديا دينيا أو سياسيا أو اقتصاديا للكثير. منهم. وليس من حقنا أن ندخل في التفاصيل.

في الجولة الأخيرة من المفاوضات بين وزير الخارجية الأمريكي كريستوفر وحافظ الأسد، استطاع كريستوفر أن يقنع الأسد بالسماح لليهود بالهجرة، فهاجر معظمهم وبقي منهم أفراد قليلون..

بمعنى أنه لو كانت لليهود السوريين مشكلة يومها فهي مع " السلطة أو النظام " وليست مع المجتمع. وتستطيع أن تقول هذا الكلام في كل أشكال الهجرة التي كانت تدفع الكثير من المكونات السورية للابتعاد... وكان من هؤلاء الكثير من المسيحيين والأرمن والكرد وسواهم. وكان للهجرة دوافعها الاقتصادية والأمنية ولكن ليس منها المجتمعية ولا يمكن الحديث عن أي اضطهاد اجتماعي إلا بالمفهوم المقلوب ...أن يضطهد بعض المنتمين إلى ...أبناء الأكثرية من مواقعهم السلطوية وليس من مواقعهم المجتمعية. ولو سردنا لملأنا مجلدات..

حول زيارة الأسرة اليهودية " 12 شخصا" إلى سورية في الشهر الماضي، قيل الكثير، في محاولة يائسة لحجب البعد السياسي عن هذه الزيارة. ومن ألطف ما قيل: إن سبب الزيارة هو علاج الأسنان !! فعلاج الأسنان رخيص في سورية، مرتفع التكلفة في بروكلن في الولايات المتحدة. تعليل يستجرك قسرا إلى شكسيبر وصاحبه شيلوك. وودت أن اقول لهؤلاء الناس تكفي الأسباب الرومنسية لتسويغ عودة الإنسان إلى مسقط رأسه، ولا يحتاجون إلى افتعال مثل هذه التعلات..

بدأت الزيارة بمحاولة رائدها باكتشاف الواقع زيارة لمدة أسبوع، ثم تمددت أسبوعا ثانيا وثالثا وبنجاح كبير!!

الأبعاد السياسية للزيارة، قال فيها الكثيرون، ومن أبرز ما قيل الترويج إلى "سورية الأسد" كمكان صالح للعيش، واسترجاع الذكريات، والتقاط الصور حول مائدة دمشقية عامرة ..

الرسالة الأهم والتي شكلت صُلب الزيارة، وصُلب الموقف اليهودي - الصهيوني من الثورة السورية وبالتالي صُلب الموقف الدولي العالمي هي: أن ما يدور في سورية هو حرب بين النظام العلماني وبين المتطرفين الإسلاميين!! وحسبنا بها من رسالة. تقطع بها " جهينة قول كل خطيب"

ومع كل ما في الرسالة من اختزال مخل، وافتئات على الحق والحقيقة، فإنها جديرة منا ، ومن أصحاب الثورة وليس فقط أنصارها، بالتأمل والاعتبار واقتناص الدروس والعبر ، ولاسيما عند الطبقة التي لم تعِ هذه الحقيقة بعد ...

البوح حول هذه الحقيقة أرهق مشهدنا وثورتنا. والتقدم فيه كالخطو على أرض من جمر تتقدم فتحترق وتتراجع فتحترق. فكيف تقول؟؟

ولو انطلق كل البشر من إنسانيتهم وهم يتحدثون عن المشهد السوري لكانت هذه المسكونة في خير كبير.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 958