دلالات رحلة الإسراء والمعراج في حياتنا

الإسراء والمعراج محطة إيمانية عاشها الرسول  صلى الله عليه وسلم ،  عاشها بروحه وجسده  ، كانت رحلة  مميزة ليست  كباقي الرحالات  ، كانت   رحلة  تجلى فيها  الإعجاز الإلهي ، و ظهرت فيها  قدرة الله   على  تدوير الأحوال  بأمره  بالأمر كن  فيكون  مصداقا   لقوله تعالى     ﴿ وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ﴾ سورة القمر .

وحادثة الإسراء والمعراج من هذا القبيل في إعجازها  ،  هي  في أمر  الله من الأمور العادية   و المألوفة  ،  ولكنها في عالمنا البشري   من  الخوارق التي تهز كيان ضعاف الإيمان  ، فتربك   قواهم العقلية  ، فلا تقوى على تصديقها ، و هي للمؤمنين وقفة تأمل ، و تعزيز ثقة  بإيماننا باليوم الأخر ، يعيش في أجواء رحلة روحية   بطعم الإيمان    ، طعم  إيماني رائع عاشه  أبو بكر الصديق  حين شكك القرشيون  في صدقية الحادثة  ،  أرادوا هز إيمانه و إرباك قناعته ، و التشويش ذهنه بذكر الخارقة ،  فكان تعليقه  ،  تعليق  الواثق  الثابت  ،الواثق في اعتقاده ، رد  فأربك القرشيون بقين المؤمن قال لهم  :( والله لئن كان قال هذا الكلام لقد صدق، فو الله إنّه ليخبرني أنّ الخبر يأتيه من الله من السّماء إلى الأرض فأصدّقه)

جاءت حادثة الإسراء والمعراج مسكن  ألم لرسول الله ، بعد  ضغوطات قاهرة عاشها وصعاب  ألمت به  ، جاءت بعد صدمات عنيفة تلقاها  ، فليس  سهلا أن  يفقد  المرء أحبابه في عز الأوقات  الأزمات ، فحين تغيب الزوجة   راعية حقوق الزوج  ، تغيب الزوجة المشاركة هموم  زوجها حين  تأسيس  مشروعه الدعوي في مهده الأول / بل في      بدئه  ، و يزيد  الألم  بفراق   أحب الأشخاص إلى قلبه ، فيغيب  العم النصير الحامي ،  بفقدهما زاد وقع الألم و اشتد على قلبه ،يقابله  شدة الأذى  الخصوم ،  يصل إلى حد الاعتداء الجسدي  ، كل هذه الضربات   أضعفت  كاهل الرجل القوي .

و الحبيب  محمد صلى الله عليه و سلم  يقابل كل هذه النوازل  بقلب المؤمن  الصابر والمحتسب  ، يلجأ إلى  الله  يطلب فك أسره ورفع   البلاء عنه  ، يلجأ إلى الله  متضرعا  بدعاء يفطر القلب   ، بدعاء يستلهم منه الضعيف القوى  بعد الانكسار  ، بدعاء  كلماته رقيقة  ، كلماته   مرهفة الحس ، كلماته ما أحوج أن يرددها كل مبتلى  مكسور يقول الحبيب  في   دعائه  : وهنا بعد   أغلقت الدنيا أبوابها  في وجه حبيبنا صلى الله عليه وسلم، فجلس وهو في طريق العودة من الطائف إلى مكة تحت ظل شجرة يبث شكواه إلى الله تعالى طالباً منه النصر والعون بكلمات ملؤها اليقين والثقة بنصر الله سبحانه وتعالى قائلاً: (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت ربُّ المستضعفين وانت ربّي إلى من تكلني، إلى بعيد يتجهَّمني أم إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك علىِّ غضبُُ فلا أبالي، ولكنَّ عافَيَتَك أوسعُ لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخر ه من أن تُنزل بي غضبك أو يَحِلَّ علىَّ سخطُك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك). المعجم الكبير للطبراني.

في هذه الظروف العصيبة  تحل العناية الربانية لتزيل هم  المكروب  ، تزيل هم  المبتلى  ، تأتي  المنحة  الربانية  لتجلي الأحزان عن  قلب  المحزون  توفر له  رحلة  تخالف النواميس الكونية  في روعتها وجمالها  ،    يحلق  فيها عبر مركب خاص ، عبر  دابّة البراق من مكة المكرمة إلى بيت المقدس ثم يُعرج به إلى السماء ويعود إلى بيته في ليلة واحدة،  يرى فيها من الحقائق التي تشرح الصدر وأخرى تهز الكيان في تفاصيل  رحلة طويلة تكفينا فيها الإشارات والعبر  ، نعرضها في رؤوس أقلام :

  1. أن طريق السعادة محفوفة بالمكاره  .
  2. اللجوء  إلى الله في المكاره
  3. الإيمان بالحقائق الغيبية يقوي  الإيمان
  4. بيان مكانة الأقصى في قلب الأمة

وفي ختام  المقال  نسأل المولى عز و جل    أن يقوي ضعفنا   ، ويلم شملنا ،  ويؤلف الذات بيننا  ، يجمعنا أحبة على الحق  ، نرفع البنيان    كي يستعيد أقصانا   حريته  المسلوبة.

وسوم: العدد 970