حول الحب والحرب

تقدير موقف:

أمريكا : إدراتها وشعبها لا يملكون إراداة القتال..ضد الأقوياء.. هم محاربون فقط ضد الدول الضعيفة كما رأيناهم في أفغانستان والعراق وسورية ...

ما أسرع ما يشدُّ الرئيسُ الأمريكي ويركبُ عندما تكون الحرب ضد ضعفاء مستضعفين ولاسيما إذا كانوا مسلمين حيث الحرب تكلفه قليلا من المال، يشغل به مصانع الأسلحة، ثم ما أسرع ما يستردها من ضحاياه...

أقول لكم دائما معترفا...

 أنا متابع للسينما الأمريكية. مشكلة في أمريكا اليوم تتفنن في عرضها هوليود وغيرها، عن الأمراض النفسية التي يعاني منها الجنود الأمريكيون، الذين حاربوا في أفغانستان والعراق. مع أنهم حاربوا هناك النساء والأطفال. وكانوا في آليات محصنة، أو طائرات تقصف الحمم. هناك جمعيات خاصة للعناية بالجنود العائدين من الحرب في أفغانستان والعراق، ومن قبل من فيتنام.

كثير من هؤلاء يتفرقون في الحياة بأدوار سلبية، مجرمون، قتلة متسلسلون، مجرمي أو ضحايا مخدرات، ونسبة غير قليلة تنتهي بالانتحار. ولو كنت أملك الإحصاءات وهي مع تسييسها متوفرة لأذهلتنا جميعا.

وما نقوله عن الأمريكان يصح عن الروس بنسبة ما... اليوم ستكون جل حرب الروس في أوكرانيا حرب طائرات. وكذا كانت حربهم في سورية وما زالت. وإذا احتاجوا إلى أقدام تدب على الأرض، فسيكون لهم مرتزقة من أتباع الولي الفقيه أو غيره، ولا أدري كيف سيجرون هؤلاء إلى أوكرانيا!!

 ربما نتساءل لماذا استعان بوتين في سورية بمرتزقة "الفاغنر" وهم روس، ولم يستعن بمشاة الجيش الروسي. أعضاء الفاغنر مرتزقة محترفو قتل. قتيلهم لا يحسب على الجيش الروسي. فقتلاهم لا يدخلون الوهن على الصف العسكري. أغلب الشرطة العسكرية الروسية التي زج بها في مناطق المصالحات في سورية، كانوا من جمهوريات الاتحاد الروسي المسلمة. لحاجات في نفس بوتين أراد أن يقضيها، منها أن لا يثير مقتل هؤلاء الذعر في موسكو.

لم يتوقف الكثيرون عند تصريح عميل "المخابرات السوفييتي الصغير" بوتين عندما قال: "وإذا متنا نموت شهداء ونذهب إلى الجنة" هل تعلمون من أين تعلم هذه اللغةـ وأين أراد توظيفها...!!

مصطلح الحروب بالوكالة مصطلح واسع الطيف، ولعل من بعض معانيه أن يستعين المحارب في حربه بغير أصحاب القضية، أو يقوم بعمليات توظيف تستند إلى المكر والخداع.

 منذ الحرب العالمية الأولى كان هذا المصطلح معمولا به بمعنى أن تجند جنودا من غير بني قومك فيحاربوا في إمرتك ومعك...

سنشعر - نحن العرب وأهل الشام خاصة- بخزي شديد حين نعلم، ونحن الذين خضنا الحرب العالمية الأولى تحت عنوان الثورة العربية الكبرى مدافعين عن قضيتنا، أننا خضناها لمصلحة قوم آخرين..

هل تتذكرون أننا في الحرب العالمية الأولى كنا في الفريق المنتصر، وكنا حلفاء المنتصرين، وعند قسمة الغنائم فيها، كان حظنا نحن العرب المنتصرين أسوء من حظوظ المنكسرين المنهزمين..!!

كان ضباط الاتحاد والترقي وعلى رأسهم أتاتورك في فريق المنهزمين، واستطاعوا أن ينتزعوا لقوميتهم دولة ووحدة وعلما وعنوانا، وهذا ليس مديحا لفئة وإنما هو تذكير بتجربة.

ونحن خرجنا في جحفل الفريق المنتصر فأصبحت شامنا خمس دول. واحدة منها ليست لنا!!

قراءة التاريخ الدبلوماسي تعلمنا الكثير، وتقينا العثرات، وتدفع عن شرور الوقوع في الحفرة سبع مرات..

الألمان بالأمس يراجعون أنفسهم أنهم بالتقتير على ميزانيتهم الدفاعية، لم يعودوا قادرين على الحرب.

قبل أن يفكر الإنسان: يحارب أو لا يحارب؛ عليه أن يتساءل: هل هو قادر على الحرب، وهذا هو السؤال الذي يعجز عن مواجهته كثير من الناس.

القدرة على الحرب أمر أكثر بكثير من القدرة على استقبال الموت والرضا به.

وحتى هذا الأخير اليوم لا تملكه بعض الشعوب. أذكركم بأمر آخر مهم: عنوان وقف الحرب، وعودة الأمريكيين إلى البيت، من العناوين الدعائية الكبرى في برامج الانتخابات الأمريكية. وحين يسأل مرشح للرئاسة الأمريكية : وات إز أليبو؟؟ "what is Aleppo" فاعلم أن الأمريكي لا يريد أن يتحدث إلا عن فواتير الغاز والكهرباء!!

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 970