زاد المسلم قبل رمضان

حين يحل شهر شعبان، تفتح نسائم شهر رمضان، تلوح في الأفق تباشير شهر الصيام، لنضرب مواعيد لاستباق الخيرات، نضرب المواعيد لنبرم الصفقات المبرحة، نغتنم ساعات العمرنا المتبقية، فلا أحد يعلم ميعاد الرحيل.  

يقول الله تبارك وتعالى: (وهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ والنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا) (الفرقان: 62)

الكيس فينا من يتهيأ مرحبا بالضيف المقبل ، ، يتهيأ لاغتنام فضل الموسم الرابح؛ إن المحرمين من فاتهم نسمات الأيام الطيبة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَات، فَتَعَرَّضُوا لَهَا لَعَلَّ أَحَدكُمْ أَنْ يُصِيبه مِنها نَفْحَة لا يَشْقَى بَعْدَهَا" (رواه الطبراني في الأوسط) .

و ما رجب و شعبان إلا محطات زمنية مهمة في حياتنا، فيها نستجمع القوى، نتحين أوقاتها بترقب و اهتمام، فتكون أيامها ساعات حاسمة، نباشر فيها أعمالنا الخيرية اقتداء برسولنا محمدا صلى الله عليه و سلم استعدادا لرمضان ، كان أحرص الناس في اغتنام شهر رجب و شعبان في سباق في الخيرات ، يجهد النفس في تحصيل فضائل الأعمال ، يبتهل لله بالدعاء أن يبقيه حيا ليشهد رمضان .

يقول في دعائه: (اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبَلِّغنا رمضان)،

في خضم ملهيات الأمور و الإغراق في انشغالات مصارف أمورها، تصيبنا غفلة تنسيها فضل المحطات المقبلة، بل تنسينا نفحات أوقاتها المباركة، و نحن نعيش السهو و الغياب، مشغلون بجني السراب، و الحريصون يعيشون اليقظة و الحضور حتى لا يفوتهم خير أيام رجب و شهر شعبان لفضلهما.

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما رأيت رسول الله استكمل صيام شهرٍ قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صيامًا من شعبان)

يعلق الرسول صلى الله عليه بقوله: ذاك شهرٌ يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان)

و يزيد في تبيان علة هذا الإهتمام وسبب حرصه بقوله : (إنه شهر تُرْفَعُ فيه الأعمال إلى ربِّ العالمين، وأُحِبُّ أن يُرفَع عملي وأنا صائم).

ما أحوجنا أن نعقد العزم لتكون أيام شعبان أيام اجتهاد في الطاعة، نجعل أيامه في وضع المشاريع المبرمجة لشهر الصيام حيز التنفيذ ، نشخر لها الموارد لإنجاحها في الشهر الفضيل ، فما أكثر مشاريعها ، نستجمع الجمعيات و المؤسسات ذات النفع العام أدوارها السابقة في النشاط الاجتماعي الخيري ، أما على مستوى الفردي أن ندارس القران تلاوة و حفظا و تطبيقا لأحكامه .

إن شهر شعبان فرصة مهمة للمسلم لفتح دفتر التوفير من الحسنات   فهل تبرم الصفقة المبرحة مع الله في شهر شعبان ، صفقة يكون ثمنها الجنة ، لا أحسب الحريصون يهملون هذه الفرصة و لا أحسبهم يتراجعون عن إبرامها إ، شروط صفقتها مدونة في الآية ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (112)﴾ (التوبة

اللهم أحيينا لشهر رمضان، و حقق أحلامنا أن نعيش لشهر رمضان، فنحيي ليله بالقرآن، و نحيي نهاره بالصيام، و أن تبقي لنا الصحة و العافية و طيب العيش لنا و للمسلمين عامة يا رب.

وسوم: العدد 971