حال الجالية المسلمة في فرنسا وهي مضطرة إلى إعطاء أصواتها "لماكرون "

حال الجالية المسلمة  في فرنسا وهي مضطرة  إلى إعطاء أصواتها "لماكرون " مخافة فوز العنصرية "لوبان" كحال المستجير من الرمضاء بالنار

لم يكن أمام الجالية المسلمة في فرنسا سوى الخيار بين أمرين أحلاهما مر كما يقال ، الأول هو اختيار "ماكرون" الذي لم يدخر جهدا خلال فترة حكمه السابقة  في  ممارسة التضييق عليها في ممارسة  حقها في حرية التدين  ، وقد ذهب في ذلك  إلى أقصى الحدود حتى سولت له نفسه ابتداع ما سماه إسلاما فرنسيا أو بعبارة أدق مكرونيا تكون فيه كفة العلمانية هي الراجحة ، أما  الثاني فهو اختيار العنصرية واليمينية المتطرفة  "ماري لوبان " المنافسة له، والتي تكن العداء الكبيرللمسلمين جهارا نهارا ، وتتوعدهم بالويل والثبور وعواقب إذا ما  فازت في الانتخابات وآلت الأمور إليها .

وهكذا صوت من صوت من الجالية المسلمة في فرنسا لصالح " ماكرون" لترجيح كفته على كفتها  اضطرارا لا قناعة ،وهي تعرف جيدا موقفه المتشنج من دينها ومنتدينها لكنها تجنبا لموقف غريمته الأكثر تشنجا منه، لم تجد مندوحة عن التصويت الاضطراري لفائدته ، وحالها  في ذلك كحال من يقول عنه المثل العربي الشهير : " كالمستجير من الرمضاء بالنار "، وهو مثل يضرب لمن ينشد أخف الضرر في أمرين وهما سيّان في الإضرار به . ويروى أن سبب قول هذا المثل هو حادثة وقعت في جاهلية العرب حيث خرج  رجل يدعى كليب بن ربيعة ذات ليلة ، فترصده  آخر يدعى جساسا فطعنه غدرا ، وتركه يواجه مصيره وحيدا في فلاة ، فمر به رجل آخر يدعى عمرو كان من معارفه ، فأملّ نفسه بالنجاة على يديه إلا أنه أجهز عليه فقضى نحبه على يديه ،فضرب هذا المثل وقد صيغ في بيت من شعر جاء فيه :

المستجير بعمرو عند كربته   = كالمستجير من الرمضاء بالنار

وإذا كان "ماكرون" و"لوبان" قد فرقتهما أمور ، فإن الحقد على دين الإسلام يجمعهما ، ولا خير للجالية المسلمة  في كليهما ، وهو ما يفرض عليها أن تجمع شتات أمرها  وهي المتفرقة طرائق قددا  لفرض احترام دينها على حكام فرنسا مهما كانوا . ومما أغرى بها هؤلاء الحكام هو أنها وزعت ولاءها  على جهات متعددة  بينها خلافات وهي  تتحدث باسم الإسلام ،وتزعم أنها الأفضل تمثيلا له ،الشيء الذي عمق الخلاف بينها في أمور شتى مع أن دينها واحد، وقبلتها واحدة ، وكتابها واحد، وسنتها واحدة ، فاستخف بها من يتناوبون على قصر الإيليزي  أو يتنافسون على ذلك حتى بلغ الأمر بآخرهم أن يصف الإسلام وهو دين للعالمين بالفرنسي مبتدعا بذلك لغيره  بدعة وصفه بأوصاف أخرى بغرض تطويع أتباعه لعلمانيتهم . ولو كان صف الجالية المسلمة في فرنسا ، وفي كل الأقطار الغربية موحدا ومتراصا لما تجرأ الحكام الغربيون على التفكير في التصرف في مصير دين الله عز وجل   .

ومعلوم أن مواقف القادة الفرنسيين وآخرهم "ماكرون" من لباس المرأة المسلمة مثيرة للسخرية ،حين يدعون أنهم يريدون تحريرها من سلطة من يزعمون أنهم يرغمونها على ارتداء هذا اللباس ،  وهي مواقف تعتبر فضائح عالقة بالعلمانية الفرنسية المتبجحة بحماية الحريات الفردية والدفاع عنها، وهو دفاع شمل كل الحريات  إلا حرية تعبّد المسلمين .

ومعلوم أن رفض اللباس الشرعي الخاص بالمرأة المسلمة في فرنسا هو مصادرة متعمدة عن سبق إصرار للشرع الإسلامي  المحدد بشكل قطعي للهيئة التي يجب أن تكون عليها بما في ذلك لباسها الذي ينعت ضرورة  بالشرعي ، والذي لا مندوحة لها عنه باعتبارها مسلمة تدين بدين الإسلام.

و لقد قصدت العلمانية الفرنسية إلى اعتبار ارتداء هذا اللباس جرما يعاقب عليه قانونها ، وهي لا تدخر جهدا في ربطه بما تسميه التطرف، والعنف، والإرهاب مع أنه ممارسة دينية أقرها دين الإسلام .

والمثير للسخرية في الانتخابات الفرنسية الأخيرة ،هو استغلال بل توظيف قضية حجاب المرأة المسلمة في تنافس الغرماء  على كرسي الرئاسة فكانوا جميعهم  سواء في  معاداته ، ومحاربته ، ومنعه ، والتضييق عليه .

وأخيرا قد يقول البعض إن شرا قد يكون أهون من شر في هذه  الانتخابات الفرنسية بالنسبة للجالية المسلمة ، والواقع أن الشر واحد بالنسبة إليها ،وحالها بينهما لا يختلف عن حال المستجير من الرمضاء بالنار .

وسوم: العدد 978