قصر الرحاب

مجزرة قصر الرحاب

في صباح يوم 14 يوليو/تموز 1958 حاصر العسكريون بقيادة عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف وغيرهم من قادة الأفواج الموالية لهم المرافق السيادية في العاصمة بغداد، وأعلنوا , بـ بيان صدر من خلال الإذاعة عن قيام الجمهورية والقضاء على الملكية، وحُوصر قصر الرحاب مقر الأسرة الهاشمية . قوة عسكرية بقيادة الرائد عبد الستار العبوسي .

وتمكَّنت القوات المحاصِرة من دخول القصر وإجبار الملك الشاب فيصل الثاني وخاله الأمير عبد الإله الذي كان وصي على الملك فصيل في طفولته . و الملكة نفيسة وهي جدة الملك فيصل و عدد من الأميرات من الأسرة , و أخريات . اجبروهم على الخروج من القصر إلى ساحة حديقة القصر .

الملكة الأم نفيسة جدة الملك فيصل الثاني، خرجت من القصر مع المجموعة وفي يدها القرآن الكريم وهي تنادي و تصرخ : احنا في وجه الله اتركونا سنخرج من البلاد ونتركها , باقي الأميرات ونساء القصر يصرخن خائفات، ويغطين أنفسهن بالأردية، فيما يتلين القرآن .

إصدار قائد افرقة المكلف الضابط عبد الستار العبوسي أوامره بإطلاق النار على الملك والوصي و جميع العائلة المالكة بمن فيهم النساء، واطفال فسقطوا مضرجين بدمائهم .

بعد الأوامر الميدانية بالقضاء عليهم ، وبدأ وابل الرصاص في الانهمار بالرشاشات وبنادق ، فتساقطوا جميعا الواحد فوق الآخر في كتلة بشرية من اللحم والدم .

وسقطَ الملك فيصل إلى الوراء على كتف ضحية أخرى . ثم تقدم الضابط عبد الستار السبع ووقف فوق الجثث الممدودة أمامه، وأطلق الرصاص من رشاشه من جديد على الملك فيصل والأمير عبد الإله . وقيل له لماذا تطلق النار عليهم وهم أموات فقال لأتأكد أنهم أموات .( وهذا يؤكد ان لدية اوامر من احد القائدين الكبيرين عبد الكريم قاسم او عبد السلام عارف ).

كما ان الضابط عبد الستار العبوسي كضابط صغير لا يستطيع ان ينفذ اعدام اسرة كاملة رجال ونساء واطفال من ذات نفسه . ومن ناحية أخرى لم يحاكم ولا يطرد بل واصل عمله وتحصل على رتبه أعلى مما يعطي كثيرا من الانطباعات عن وجود أوامر خفية أمرته طلبت منه تنفيذ القتل . لأن بعض القيادات رافضة الإعدام نهائيا والبعض يطالب بإعدام الأمير عبد الإله ونوري السعيد رئيس الوزراء . لكن الأوامر الخفية حسمت الأمر.. المتعطشة للدماء وجعلت من هذه الثورة مسيرة للسفك الدماء .

اختلف المؤرخون في تسمية هذه الحركة ما بين الانقلاب أو الثورة . وهي في الواقع ثورة ملطخة بالدماء . حالها حال كثير من الثورات العالمية والعربية . ثوار تنقصهم الثوابت والمفاهيم الدينة .

إلا أن ما يجمع عليه المؤرخون هو أن العائلة الحاكمة قتلت بطريقة بشعة وغبر إنسانية وكان من الأولى نفيهم إلى خارج البلاد كما حدث في الثورة المصرية الخالدة عام 1952، حيث تم نفي الملك فاروق دون إراقة الدماء وازهاق أرواح . بل خرج مكرم مودع

يؤرخ المؤرخون ان حياة الأسرة المالكة العراقية لم تكن باذخة كما يتصور البعض ، عن رفاهية وبذخ الأسر المالكة في كثير من البلدان . وهو ما يؤكده احد الضباط في القصر مبينا أن الأميرات كن محجبات ويرتدين العباءة العراقية السوداء، وكن بسيطات، ويطبخن بأنفسهن ، ويجلسن في شرفة يتابعن التلفاز ويشاهدن الناس ، بعيدا عن البهرجة والبذخ والتبذير ، مثل أي عائلة عراقية .

على مر العصور وسجل التاريخ البشري حافل بالعديد من الثورات والكثير من ثوار تلك الثورات كانت لهم نهايات مأساوية لم يكونون يتوقعونها , لم تكن نهاياتهم مع أعدائهم بل مع رفاق نضالهم وزملاء كفاحهم . تأكل الثورة رجالها تماما كما تأكل القطط صغارها . وقصص الثورات والانقلابات في العالم أكثر من حصرها في سطور قليلة . لقد شهد العالم الكثير من الثورات والانقلابات والثورات المضادة في أزمان متعددة والقاسم المشترك بينها جميعا هو الصراعات وتصفيت الحسابات فيما بينهم بمسميات مختلفة كاذبه واسباب ملفقة مختلفة كاذبة . وبطرق واساليب مختلفة. كثير من الثورات ارتوت بدماء قياداتها .

من ابشع الجرائم التي اركبت في هذه الثورة تم سحب جثث منهم الأمير عبد الالة ونوري السعيد وهناك اختلاف في سحل الملك فيصل مع المسحولين . وداروا بهم في شوارع بغداد , ثم رموهم في مزرعة مهجورة , وقام بدفنهم بعض المواطنين .

الثورات الدموية التي عمت كثير من البلدان مثل الثورة الفرنسية التي تلتها الثورة البلشفية والثورة الإسلامية في ايران وباكستان والحكم الإسلامي في تركيا والثورة الشيوعية في الصين وأمريكا الجنوبية وكوبا رومانيا بولندا وبعض الدول العربية . معظم هذه الثورات لم تكن تحتاج الى سفك دماء وازهاق أرواح . لأنهم استولوا على البلاد بسهوله .

ولكنهم نسوا الله , ولم ينساهم الله فأخذهم بشر أعمالهم فجعلهم يتقاتلون ويصفون بعضهم البعض بالتدريج وبأساليب وأكاذيب مختلفة تفاوتت وكلها عنيفة ، والثورة الفرنسية كانت شعارهم ومثالا يكررونه بعنف وحقد وكراهية انتقامية بدون رحمة .

في العهد الجمهوري العراقي تم تشكيل محكمة الشعب وكان اول رئيس لها , اشهر من نار على علم العقيد فاضل عباس المهداوي , وكم.. و كم.. وكم حكم بالإعدام على عدد كبير من الشعب العراقي .

وكما قلت ان الله بالمرصاد . فقد اعدم المهداوي مع اول رئيس لجمهورية العراق الزعيم عبد الكريم قاسم .

الزعيم عبد الكريم قاسم هو كذلك رفاقه حاكموه بمحاكمة صورية كالذي كانت تعمل في عهده . حكموا عليه بالإعدام في جلسه سريعة صورية في مقر الإذاعة . استلم بعده عبد السلام عارف ركب طائرة في رحلة داخلية فانفجرت به الطائرة في الهواء هناك من يقول انها ملغمة وآخرون يقولون حدث خلل في الطائرة , والحقيقة ان هذا مكتوب من الله . وكل إنسان مرهون بعمله . وعند الله يجتمع الخصوم .

وهنا لا بد من وقفه مع العقيد المهداوي وفق وقفه رجولية وقفت رجال شجعان , رفض ان يهرب مع من هرب .قال لن اهرب من ميدان الشرف واترك الرئيس يواجه الموت لوحده . وقاتل مع الرئيس قاسم حتى نفذت الذخيرة وتم القبض عليه وعذب وتم اعدمه مع الرئيس قاسم.. تم اعدامهم رميا بالرصاص .

عبد السلام محمد عارف ثاني رئيس للعراق

أصبح عبد السلام محمد عارف الرجل الثاني بعد عبد الكريم قاسم الذي تسلم رئاسة الوزراء وأناط به منصب نائبه ووزير داخليته، لكن حبال الود التي تربطهم في فترة النضال شابها التوتر والتوجس ثم الخلاف بعد دخولهما معترك السياسة.

صراع السلطة والمصالح

حيث قام بحركة انقلابية قادها مع مجموعة من الضباط لإقصاء البعثيين من الحكم وبالفعل نجحوا .

اتسمت فترة حكم عبد السلام عارف بالاستقرار وكونها أكثر اتزانا وتفهما للسياسة الداخلية والخارجية .

هناك حقيقية تاريخية ان عبد السلام عارف البعثي تأثر كثيرا بالرئيس المصري جمال عبد الناصر، وكانت له علاقة وثيقة بالقوميين في الداخل باعتباره رمزا للحركة القومية، كان يؤمن بالوحدة العربية الشاملة وينادي بها اولا مع مصر وسوريا .

.

نكمل الموضوع في موضوع آخر بعنوان آخر

~~

قبل الختام

الهدف من هذا المقال ان الظلم ظلام ويعم العباد والبلاد

وان ازهاق الأرواح لا يأتي إلا بمزيد من سفك الدماء

والعراق العظيم ليس كأي بلد آخر ...

من العراق انتشر الإسلام مشارق الأرض ومغاربها

من العراق العظيم ظهر فينا كأمة رقية اكبر العلماء والأدباء والعباقرة في كل مجالات العلوم .

من العراق العظيم قال الخليفة : للسحاب أمطري حيث شئتي سيأني خراجك الى عندي

من العراق العظيم قال هارون : من هارون الرشيد أمير المؤمنين، إلى نقفور كلب الروم. قد قرأت كتابك والجواب ما تراه عيناك لا ما تسمعه ,

.

أي كلام مني او من غيري لا يفي ولن يعطيها حقها .. بلاد الراقدين العظيم

العراق العظيم كانوا فيها عظماء ولا زالوا العراقيين العظماء في مشارق الأرض ومغاربها يثبتون انهم عظماء ..

~~

ضاعت أمتنا عندما خرجنا نهلل ونطبل لأشرارنا

ضاعت أمتنا عندما صرنا كالناعم نتبع الحكام

ضاعت متنا فنحن من يصنع الطغاة