الإسرائيليون يستعلون على الفلسطينيين بالأوهام الضالة
مع تكوين الائتلاف المتطرف كثرت في الإعلام الإسرائيلي الإشارة إلى تفوق الإسرائيليين نوعيا على الفلسطينيين ، وطبعا ومن ورائهم العرب والمسلمون . وترد الإشارة غالبا بأسلوب المباهاة والخيلاء ، وقليلا جدا بأسلوب الإدانة لمردديها . ولو كان للإسرائيليين قدرة ملائمة لقراءة الذات وقراءة الآخرين قراءة صحيحة ما رددت كثرتهم هذا اللغو القبيح الضال ، ولتذكروا أنها ذات النزعة التي يقولون إنهم كانوا ضحايا لها في ألمانيا النازية التي تولعت في زمن هتلر بتصنيف البشر في درجات العلو والضعة العرقيين ، وانتهت إلى أن الألمان أو العرق الجرماني أسمى الأعراق . وحين يتصل الاستعلاء الأخرق السفيه بسرقة وطن شعب آخر يتعرى هدف من أهدافه ، وهو بيان أن هذا الشعب " المتخلف " عرقا وتحضرا لا يستحق هذا الوطن ، وأن الذي يستحقه هم الأسمى عرقا والأعلى تحضرا ، وفي وهمهم الضال أنهم يتميزون بهاتين الميزتين . وهذا إرث استدرجوه من تاريخ الاستعمار الأوروبي وراء الأطلسي وفي آسيا وأفريقيا ، وقدموا به على صناع الحضارة العربية الإسلامية أعظم حضارات التاريخ ، وفي زمن انتهاء الاستعمار والاستيطان . وإنه لجهل مسبوك مع غباء أن يتوهم الإسرائيليون أن أحدا في أمة القرآن سيحس أمامهم بالدونية ، ويتكثف جهلهم وغباؤهم حين يستعينون بتوراتهم المحرفة في إثراء توهمهم . كل مسلم يعلم أن القرآن الكريم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وأنه هو هو مثلما نزل على قلب محمد _ صلى الله عليه وسلم _ وأنه سيبقى هكذا حتى يرث الله _ عز قدره _ الأرض ومن عليها ، وأن ما فيه هو الحق الذي لا مرية فيه ولا خروج عليه ، وأنه يعز من يؤمن به ، ويذل من يعصيه ، وأنه رسخ إسلامية فلسطين حين أسرى بعبده ورسوله إليها ، وأن ما فيه عن تفضيل الله لبني إسرائيل موقوف محدود بهم في زمنهم ، ولا يصل إلى الشراذم التي تهودت بعدهم من شعوب العالم والتي منها مستوطنو إسرائيل الذين وفدوا إليها طمعا في مستوى معيشي خير مما يعيشونه في بلادهم الأصلية ، أو هربوا من الحروب في بلادهم ، وهذا ما يفعله بعض المواطنين الأوكرانيين بعد حرب بلادهم مع روسيا . ومن مستوطني إسرائيل من يخفي ديانته الحقيقية التي قد تكون المسيحية أو الإسلام ، وقد يكون ممن لا يدينون بأي ديانة . والأخبار شائعة عن الأحباش المسلمين الذين جلبتهم إسرائيل مع يهود الفلاشا في ثمانينات القرن السالف . ويصلي هؤلاء المسلمون سرا . ولو وازنا بين ما لدى الإسرائيليين والفلسطينيين من مهارات وخبرات لبان تفوق الفلسطينيين جليا واسعا عددا ونوعية إلا أن تشتتهم في الخارج ، وظروفهم السياسية والاقتصادية في فلسطين التي تتحكم فيها إسرائيل وتواصل ليلها ونهارها تخريبها وتحطيمها ؛ تخفي هذا التفوق ، وتظهر ما يظن تفوقا إسرائيليا . ولو منحت غزة واحدا من مائة مما تُمنحه إسرائيل من المعونات المالية من أميركا ويهود العالم لتكفلت غزة وحدها بمنافسة إسرائيل في كل شيء ، ولو منحت نفس النسبة من السلاح والمؤازرة السياسية والدبلوماسية لقهرتها . في تسعينات القرن السالف زار عدد من الإسرائيليين الأردن ، وكان بينهم صحفيون ، فسأل شاب أردني صحفيا منهم مستهزئا : " بم تفخرون ؟! بالنووي ؟! أي كلب يستطيع اقتناء سلاح نووي ! " . وفي الحرب التي يزعم الإسرائيليون أنهم فرسانها نراهم ينهارون في أي مواجهة حقيقية . انهاروا في الأسبوع الأول من حرب أكتوبر 1973 أمام الجيش المصري والجيش السوري ، واستغاثوا بأميركا فغاثتهم ووقتهم من هزيمة مؤكدة ، ومن زوال دولتهم ترتيبا عليها . وفي 20 مايو 2000 طردهم حزب الله من جنوب لبنان ، وعادلهم وأذلهم في حرب لبنان الثانية في يوليو وأغسطس 2006 مع الفرق الكبير في القوة العسكرية بين الطرفين لصالحهم ، وكتب الرئيس الأميركي بوش الابن في كتاب له أنه طلب من مجلس الأمن وقف الحرب توقيا لهزيمتهم الوشيكة فيها . وفعلت بهم المقاومة في غزة في سبتمبر 2005 ما فعله بهم حزب الله في جنوب لبنان على سوء حال غزة في كل شيء . ومن يعلم خطط تمسكهم بها يدرك عظم تحريرها من مستوطناتهم الواحدة والعشرين ومن جيشهم . وأما الشجاعة الفردية " للفرسان " المزعومين فقصص جبنهم وفيديوهاته فيها التبرئة المطلقة لهم من أي شجاعة ، وبيان أنهم سادة الجبن العميق والهلع العجول حتى ليهرب جندي مسلح من صبي فلسطيني في يده حجر ، وينشل جندي عن إطلاق الرصاص إذا دهمه مهاجم ولو كان أعزل . ومن حوادث الحروب النظامية بين جيشهم والجيوش العربية العثور على قتلاهم في الدبابات والعربات المدمرة والطائرات المسقطة مكبلين بالسلاسل حتى لا يفروا من القتال . وكل حديثنا محصور في الموازنة بينهم وبين الشعب الفلسطيني مع انعطافة صغيرة على المقاومة في لبنان . ماذا لو وازنا بينهم وبين العالم العربي والعالم الإسلامي ؟! ستكون موازنة بين حبة رمل وجبل عالٍ يلامس السحاب ، أو بين نملة صغيرة وفيل ، أو بين عشبة وغابة . ومع كل هذه الآماد المترامية فرقا لصالح العرب والمسلمين يحوز الإسرائيليون من البلاهة والتفاهة والغباء ما يحضهم على الاستعلاء على الذين يفوقونهم في كل شيء ، ولا يفاخرون ولا يباهون أحدا ، وهذه صفة العظام حقا ، والأولى ، صفة الإسرائيليين ، صفة الصغار السخفاء حقا ، وكل وعاء بما فيه نضاح . ويؤمن المسلمون بكل الرسل الكرام الذين أرسلهم الله الرحيم لهداية عباده ، ولا يفرقون بين أحد منهم ، وهذا شرط من شروط الإيمان الصحيح ، ويصلون ويسلمون على أي رسول عند ذكره ، ويفعل اليهود خلاف ذلك كليا . بيجين وصف الفلسطينيون بالكفار ، وميري ريجيف المغربية الليكودية ووزيرة الثقافة والرياضة السابقة تصف الأذان ب " نباح كلاب محمد " ! ويصرخون شاكين من عنصرية ولاسامية المناهج الفلسطينية ، وما أكثر الدراسات العربية التي تعري عنصرية ووحشية مناهجهم ! وأفعالهم أكبر وأصرح شاهد على عنصريتهم ووحشيتهم . ونقتبس فقرة من كتاب " مدخل إلى الخدمة الاجتماعية " الذي يدرسه طلاب شهادة التعليم الأساسي في جامعة القدس المفتوحة ؛ ترينا قيم النزاهة والسمو والعدل والإنسانية وحسن النية : " إن الديانات السماوية الثلاث ، اليهودية والمسيحية والإسلام ، عزيزي الدارس ، هي بمثابة ثورات اجتماعية على الأوضاع الفاسدة التي كانت سائدة حين ظهورها ... " . يفرق بين الديانات الثلاث جوهرا وهدفا . والنصر النهائي دائما لقيم النزاهة والسمو والعدل والإنسانية لا لهراء الزيغ والانحطاط والظلم والهمجية . الإسرائيليون لا يكفون عن بيان غربتهم عن حضارة المنطقة وقيمها ، ودولتهم لا تكف عن حفر قبرها بيديها وأسنانها . وكان لهم درس وعبرة في نفور الشعب العربي منهم في مونديال قطر ، وما صدر عنهم نحو دلالات ذلك النفور ينفي قدرتهم على الدرس الصحيح والاعتبار القويم اللذين يعدلان السلوك نحو الأصوب والأرشد . الحكمة تنصح : " إذا عكست لك المرآة وجها قبيحا فأصلح وجهك ، ولا تكسر المرآة ! " .
وسوم: العدد 1011