كيفية التعامل مع التّعذيب حسب المذكرات
من خلال قراءاتي لمذكرات قادة الثّورة الجزائرية، والمجاهدين، والفرنسيين المنصفين، والفرنسيين المجرمين الحاقدين بشأن تعذيب الجزائريين أيّام الثّورة الجزائرية، وكيفية تعامل الجزائريين مع التّعذيب، وقف القارىء المتتبّع على جملة من المعلومات والملاحظات، وحسب ماسمحت به الذاكرة:
يسمح للجزائري الذي يتعرّض للتعذيب، أن يبوح ببعض المعلومات العامة[1] والتي لاتؤثّر على الثّورة الجزائرية، ولا قادة الثّورة الجزائرية.
المطلوب من كلّ جزائري ألقي عليه القبض، أن يتأخّر قليلا في ذكر بعض المعلومات العامّة، في انتظار أن يمنح وقتا كافيا لقادة الثّورة الجزائرية، والمجاهدين، والمعنيين بالمعلومة من الفرار، وتغيير المكان بسرعة فائقة.
من مقاصد تمزيق الوثائق الرسمية لكلّ من يلتحق بالثّورة الجزائرية، واستبدال الاسم الحقيقي باسم مستعار هو حماية المعني ومن معه من القتل، والحرق، والتّدمير، والنّسف حين يتعرّض للتّعذيب، ويعرفون اسمه الحقيقي وبالتّالي قائده، ومن يعمل معه، ومحيطه. فيتعرّضون كلّهم للهلاك. فكان الاسم المستعار، وإتلاف الوثائق الرسمية ضمان وأمان.
كلّ من تعرّض للتّعذيب أفشى بالضرورة معلومات حسب منزلته، ودرجة التّعذيب، وقدرته، وأهميته.
من أفشى أسرارا تحت التّعذيب، لايسمى خائنا لأنّه فوق ماتطيقه الجبال.
أغلب الجزائريين -أو كلّهم- يتعمّدون -أقول يتعمّدون-، عدم ذكر أنواع التّعذيب الذي تعرّضت له الجزائريات الطّاهرات العفيفات، خاصّة ماتعلّق بالعرض.
تتعمّد الجزائريات عدم التحدّث عن أنواع التّعذيب الذي تعرّضت له، خاصّة ماتعلّق بالعرض.
هناك بعض الفرنسيين تعرّضوا للتّعذيب دفاعا عن الجزائر، والجزائريين، والثّورة الجزائرية.
الشهيد محمّد العربي بن مهيدي رحمة الله ورضوان الله عليه، لم يفشي أسرارا وهو القائد العظيم الذي بحوزته الأسرار، والسّبب أنّه لم يتعرّض للتّعذيب، والمجرمين الجلاّدين السّفاحين لم تكن مهمتهم تعذيبه إنّما إعدامه، ولم يكن لهم الوقت الكافي لحراسته خوفا من أن يطلق سراحه من طرف المجاهدين ولذلك أسرعوا في قتله، وتحصّلوا على أسرار بالغة الأهمية والخطورة من خائن جزائري[2].
الخائن هو من سعى لدى المحتلّ المجرم لإفشاء أسرار، ومهما كانت صغيرة، ودون أن يتعرّض للتّعذيب.
هناك تعذيب لأجل الاستنطاق، وإفشاء الأسرار. وهناك تعذيب يدخل ضمن قوانين السجن أو المحتشد، والخاصّة بعقاب المعني لأجل عدم تنفيذ أمر، أو مخالفته، أو عصيان. وهذا لايدخل ضمن التّعذيب المقصود عبر المنشور[3].
قد يلتقي الذي وشى بالذي تعرّض للتّعذيب بسبب وشايته في زنزانة واحدة ولا يعاديه لأنّه يعلم أنّ شدّة التّعذيب هي التي أنطقته. وللتخفيف من شدّة التّعذيب عن نفسه يخترع كذبة تتمثّل في كون هذا الذي وشى بي هو الذي طلب منّي فعل كذا وكذا، وهو لم يطلب منه ذلك ولا يعرفه من قبل، وهو يعلم مسبّقا أنّ صاحبه لن يتعرّض من جديد للتّعذيب، باعتباره أمسى غير فاعل، ولم يعد الاستدمار بحاجة إليه[4].
طالب قادة الثّورة الجزائرية من المرأة الجزائرية أن تعترف للمجرمين السّفاحين الجلادين حين يلقى عليها القبض، لأنّها لاتطيق التّعذيب، وكلّما رفضت الاعتراف تعرّضت لمزيد من الإهانة، والاغتصاب، والتّعذيب الذي يفوق تحمّل الرّجال، كيف بالنّساء[5].
[1] Daho Djerbal "LAKHDAR BENTOBBAL Mémoires de l'intérieur", CHIHAB ÉDITIONS, Octobre, 2021, Alger, ALgérie, Contient 401 Pages.
[2] كتاب "شهادتي حول التعذيب 1957-1959"، للسفاح الجلاد الجنرال أوساريس، ترجمة مصطفى فرحات، دار المعرفة، الجزائر، من 217 صفحة.
[3] Ahmed TALEB IBRAHIMI "Lettre de prison (1957-1961)", Dar EL Ouma, Troisiėme ėdition augmentée, Mai 2001, EDition janvier 2010, Alger, Algérie , Contient 177 Pages.
[4] DJILALI ALI BADNI "DE ZIADNIA AU CAMP D1U LAZRAC, Mon engagement dans la Révolution", Témoignage recuilli par Abddelkader Ham, Édition Les Presse du Chélif, Janvier, 2023, Contient 139 Pages.
[5] Commandant Azzedine «ON NOUS APPELAIT FELLAGHAS», Editions Stocks, France, 4trimestre 1976, Contient 349 Pages.
وسوم: العدد 1019