صراعاتنا في أوجها بين الحارتين في بيت جن، إلى ريبناني في ألمانيا..!!

وأشد حروب العرب ضراوة نشبت في الجاهلية، بين الإخوة الأعداء.. حرب داحس والغبراء بين عبس وذبيان قبيلتان أختان..

يقول قيس بن زهير بعد أن شفى غيظه بقتل ابني عمه:

شفيت النفس من حمل بن بدر .. وسيفي من حذيفة قد شفاني

فإن أك قد بردت بهم غليلـــــــــي ...فلـــــم أقطـــــع بهـــــم إلا بنـــــاني

وهذا كانوا يسمونه " قيس الرأي" لمجده وجودة رأيه!!

وحرب البسوس كانت حربا بين بني "وائل" تغلب بن وائل، وبكر بن وائل. بكر ابن وائل، الذي ما تزال " ديار بكر" تحمل اسمه حتى اليوم..

وحاول عقلاء بني "وائل" وسادتهم،  أن يلموها، فأبى زير النساء الذي نسميه المهلهل، ونتمدح بذكره، وبطولته، حتى قال أحد سادة وائل، وقد بلغه أن المهلهل، قتل ولده الذي كان يحمل إليه رسالة حكمة، نعم الدم دم ولدي، إذا كان فيه صلح بين الناس!! فقيل له: إن المهلهل قال ساعة قتله: بؤ بشسع نعل كليب!! فقال هذه السيد البهي يومها:

قربا مربط النعامـــــة منـــــي .. لقحت حرب وائل عن حيال

والنعامة اسم فرسه...

هل تأملتم معنى قول الأبعد "بؤ بشسع نعل كليب" أي جعل دم ابن عمه هذا عوضا عن شسع نعل أخيه كليب!!

وتابعت تقريرا بالأمس من بلدة بيت جن جنوب غرب دمشق، تتشكى الناس قيه من عدوان يشنه بعضهم على بعض!! وليس في بيت جن تعدد هويات على ما أحفظ ..

وبعد حكاية "الشوكولامو" واللاستنفار البهي الذي ما أحببت أن أقاربه، يتحدثون بالأمس عن معارك دارت رحاها في مدينة ألمانية على الخلفية ذاتها!! سوري ولبناني وعصي وهراوات وسكاكين وشبريات وقندرجيات، وأصل الحكاية لعبُ أطفال..

كثير من هذه المعارك تبدأ بالمنافرات الكلامية. والمنافرات ضرب من الحروب الكلامية تدور رحاها حول: أينا أعز نفرا.. وأكثر عددا..!! تذكرون في سور القرآن الكريم سورة " ألهاكم التكاثر" يذهبون إلى المقابر ليعدوا...!!

وأعجب المنافرات كما قدمت تكون بين الأشقاء، يتنافرون والأب واحد والأم واحدة، ويجدون للبغي مساغا، أو بين بني العمومة يتنافرون والجد واحد,,

أو بين وبين وبين، حتى صرنا إلى المنافرات بين السوري واللبناني وتاريخ أسرة جنبلاط في حلب محفوظ، ومقام الراهب مار مارون في فضائها مسجل!! تقول العامة : إن العين لا تعلو على الحاجب!! ولا تسألوني أيهم العين وأيهم الحاجب فتفتحون للمنافرة أساسا جديدا!!

وعهدي في مدننا وقرانا يتفاخر أبناء الصايح الواحد ومصلاهم في المحراب واحد...

حالة من البغي قد انفلتت عشواء بلا خطام بليل بهيم !!

وأجد الرجل الذي يرجى عنده العلم والحلم والحكمة والرأي والصو اب والتضحية، ينشد: قربا مربط النعامة مني ويكررها بضع عشرة مرة تأكيدا على الحرب التي لن تنتهي...!!

فهل لذناباها من تلاف؟؟

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1037