بعد انتظار طويل الجمعية العامة تنشئ مؤسسة للكشف عن السوريين المختفين على يد النظام المجرم

في مسعى جديد من شأنه خلق بصيص أمل لآلاف العائلات في سورية، صوتت الجمعية العامة في الأمم المتحدة على قرار لإنشاء مؤسسة معنية بكشف مصير نحو عشرات الآلاف من المفقودين والمختفين قسرياً في سجون ومعتقلات النظام السوري المجرم، فقد صوتت الجمعية بأغلبية أصوات الدول المشاركة على مشروع القرار، فيما اعترض على القرار 11 دولة على رأسهم شريكي النظام المجرم روسيا وإيران.

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية فإن القرار هدف لإنشاء مؤسسة مستقلة مهمتها جلاء مصير آلاف المفقودين في سورية على مدى 12 عاماً، والذين تقدر ،المنظمات الحقوقية، عددهم بما يزيد على مئة ألف شخص؛ جلهم فُقدوا في سجون ومعتقلات ميليشيا أسد وحلفائه، من قادة الإجرام في العالم؛ بوتين وخامنئي وحسن نصر اللات والميليشيات الرافضة التي جندتها إيران لذبح السوريين، ومرتزقة فاغنر الروسية.

وليكون العالم على بينة أن الاعتقال التعسفي في سورية لا يزال حتى الساعة يجري ضمن سياسة مركزية من قبل النظام السوري الطائفي المجرم، الذي يقوم بإخفاء الغالبية العظمى منهم، وجلّهم من المسلمين السنة الذين يشكلون 80% من سكان سورية بشكل منهجي ومدروس.

ويشكل الاختفاء القسري الممارس من قبل النظام جريمة ضد الإنسانية ما زالت تُمارس حتى اللحظة، ويجب على الدول التي قامت بإعادة علاقاتها مع هذا النظام المجرم المتورط بإخفاء أكثر من مئة ألف مواطنٍ سوري؛ مراجعة حساباتها والتبرؤ من هذا النظام المجرم في أسرع وقت ممكن؛ لأنه نظام متعفن غير قابل للإصلاح.

وكانت قصة "المؤسسة المستقلة" قد بدأت منذ أكثر من عامين بطرح أولي بين السوريين أنفسهم والمنظمات الحقوقية المعنية بقضيتهم ومجموعة "ميثاق العدالة والحقيقة"، وحظيت هذه المنظمات بدعم للفكرة من جمعيات ومؤسسات أوروبية.

وأشارت وكالات الأخبار إلى أنه على الرغم من رفض نظام أسد لهذه المؤسسة، إلا أنه تم إقرار إنشائها بأغلبية 83 صوتاً مقابل 11 ضده وامتناع 62 عن التصويت، وذلك بناء على الطلب المتكرر لأهالي المختفين والناشطين الحقوقيين، بهدف جلاء مصير ومكان جميع المفقودين في سجون النظام الفاشي المجرم.

وبينت الوكالات أن القرار الأممي يوجب على المؤسسة الجديدة المشاركة والتمثيل الكاملين للضحايا والناجين وأسر المفقودين، وأن تسترشد بنهج يركز على الضحايا، دون تحديد طرائق عملها فيما سيتعين على الأمين العام أنطونيو غوتيريش تطوير "إطارها المرجعي" بغضون 80 يوماً بالتعاون مع المفوض السامي لحقوق الإنسان.

وهذا المطلب كان متكررا على مدى سنوات لأهالي المفقودين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وأبصر النور بعدما أجمعت الجمعية العامة، مساء الخميس 29/6/2023، على إنشاء "المؤسسة"، بأغلبية 83 صوتا من أصل 193 دولة مقابل 11 ضده وامتناع 62 عن التصويت.

ويشير القرار إلى أنه بعد 12 عاما من العنف والتغييب والاختفاء على يد النظام السوري لم يحرز أي تقدم يذكر لتخفيف معاناة عائلات المفقودين والمغيبين والسجناء والمعتقلين لدى النظام المجرم.

ولذلك قررت الدول الأعضاء أن تنشئ "تحت رعاية الأمم المتحدة المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في الجمهورية العربية السورية، لجلاء مصير ومكان جميع المفقودين" في سورية. وأورد نص القرار أنه سيتعين على "المؤسسة المستقلة" أن تضمن "المشاركة والتمثيل الكاملين للضحايا والناجين وأسر المفقودين"، وأن تسترشد بنهج يركز على الضحايا.

ووفق البيانات التي تتيحها "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" تبلغ حصيلة المختفين قسريا في سورية ما لا يقل عن 111907 شخصا، بينهم 3041 طفلا و6642 سيدة (أنثى بالغة)، وهؤلاء لا يزالون قيد الاختفاء القسري على يد النظام المجرم.

وأشادت المفوضية السامية عبر حسابها في تويتر "بالمبادرة التي تشتد الحاجة إليها"، مضيفة: "للعائلات الحق في معرفة مصير ومكان وجود أقاربها للمساعدة في مداواة جراح المجتمع كله".

بدورها، وصفت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سورية قرار إنشاء المؤسسة بـ "التاريخي". وقال رئيس اللجنة، باولو بينيرو في بيان الجمعة، إن هذه الخطوة طال انتظارها من قبل المجتمع الدولي "وجاءت أخيرا لمساعدة عائلات جميع من اختفوا قسرا وخُطفوا وعُذبوا واُحتجزوا في الحبس التعسفي بمعزل عن العالم الخارجي على مدى السنوات الـ 12 الماضية".

وأضاف أن العائلات "تُركت بمفردها في بحثها عن أحبائها لفترة طويلة جدا"، مشيرا إلى أن هذه "المؤسسة ضرورة إنسانية وتكمل الجهود نحو تحقيق المساءلة".

أخيراً نقدر لتركيا وقطر والكويت موقفهم النبيل في الوقوف إلى جانب شعبنا المكلوم والمثخن بالجراح التي لا تزال تنزف وصوتوا إلى جانب القرار، على عكس الدول العربية التي صوتت ضد القرار أو امتنعت عن التصويت محاباة للنظام المجرم، وإذا كان لابد من كلمة حق في هذا المجال، فإننا متأكدين أن الشعوب العربية ومواقفها النبيلة إلى جانب الشعب السوري تتبرأ من مواقف حكامها المتخاذلين، الذين وقفوا إلى جانب النظام المجرم، وآثروا مصافحة اليد التي تلوثت بدماء السوريين على مدار 12 عام.

المصدر

*أورينت-30/6/2023

*الحرة-30/6/2023

*الجزيرة-30/6/2023

وسوم: العدد 1039