فيصل المقداد وعنوان "التعافي المبكر"

وبينما كان فيصل المقداد بالأمس الأربعاء، في مؤتمر وزراء خارجية دول عدم الانحياز المنعقد في أذريبجان، يتحدث عن التعافي المبكر في سورية، ويطلب الدعم والمدد؛

كانت طائرات بشار الأسد تقصف المزيد من المدن والبلدات في سورية، في شمال إدلب وشرق حلب. مزيد من القصف يعني المزيد من الضحايا الأبرياء أطفال ونساء، ومزيد من المصابين والمعوّقين، والمزيد من الخراب والدمار.

كل الذين صفقوا لفيصل المقداد بالأمس قبل أن يتكلم، وبعد أن تكلم؛ كانوا يعلمون أنه كاذب مخادع، وهو يعلم أنهم إنما يصفقون له تصفيق الكذابين والمخادعين. وعلى هذا قامت حقيقة ما يسمونه العمل السياسي أو الدبلوماسي. وهذا التكاذب إنما يدفع ثمنه الأبرياء من أبناء الشعوب المقهورة!!

فإلى أي حد يتماهى عنوان "التعافي المبكر" الذي بات عنوانا صالحا للابتزاز، كما للتسول، والذي ما زال يطرحه المقداد ورئيسه مع الواقع القائم في سورية،

ليس في الفضاء الخارج عن سيطرة الأسد، والذي ما يزال موضع القصف والتدمير، والقتل والحصار والتحويع؛ بل في قلب سيطرة الاسد حيث تنحدر قيمة الليرة السورية إلى عشرة آلاف مقابل الدولار، وحيث غدا السوريون العاملون في جحفل بشار الأسد يجدون الحل الأمثل لأطفالهم ولأنفسهم أن يبادروا إلى نحر أطفالهم ثم الانتحار!!

شخصي الضعيف متعاطف مع هؤلاء، وإن كان المجتمعون في أذريبجان لا يبالون، كما بشار الأسد وفيصل المقداد.

لعبة التكاذب في الدبلوماسية الدولية، والتي تجد مجدها في لب السياسات الإقليمية والدولية المسيطرة على المشهد السوري، والقائمة أصلا على الفرار من مواجهة المشكلات إلى مراوغة عنوانها "الحق الكذاب إلى ما وراء الباب" والتي ما زالت استراتيجية التمكين لبشار الأسد تدور عليها، وتدعمها دول وهيئات تزعم أنها معارضة، وكل أولئك يحتاج إلى مواجهة صادقة، وحسم حقيقي. إن مجرد مشاركة فيصل المقداد، في مؤتمر دولي، على مستوى خارجية دول عدم الانحياز؛ يؤشر على حجم التردي والضياع وفقدان العالم لمعنى القيم الإنسانية، ويتطلب من الجادين من السوريين أن يعيدوا النظر في كل ما قبلوه، وكل ما عوّلوا عليه، وكل ما انتظروا وكل ما زالوا ينتظرون..!!

أعدْ نظرا يا عبد قيـــــــــــــــــس فربما

أضاءت لك النارُ الحمارَ المقيدا

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1039