من مضغوطات الطاقة والتجارب الفكرية
ومن ذلك، ولعلي استرسل في الكتابة تحت هذا العنوان
قول طرفة بن العبد
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا..
ويقولون إن طرفة بن العبد توفي شابا في الثانية والعشرين أو الثالثة والعشرين، وأنا أشكك بذلك بشاهد متين شعره، وعظيم تجربته، وبليغ حكمته.
وتتمة قوله ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
وهو ليس أقل ذخيرة وزخما وعطاء من الشطر الأول. ويحكي أهل الرواية أن الرسول الكريم صلى وسلم عليه، تمثل بالشطر الثاني فقال: ويأتيك من لم تزود بالأخبار، على قول من قال: إن الشعر لا يستقيم على لسان رسول الله صلى الله وسلم عليه.
أما قوله في الشطر الأول: ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا
فإنني ما زلت بعد ٧٥ عاما، أتعلم كل يوم جديدا، أو يتكشف لي جديد، عن الناس والأفكار والعلاقات والاشياء..
يقول لي طرفة: الشاب القتيل: ستظل جاهلا وستظل تتعلم..
وأسمع كلاما من أقوام ما كنت أظن..
ويخيب ظني في أقوام كنت أعقد الاصبع عليهم..
وتعلمني الأيام أن كل ما حسبته وظننته وخلته كان وهما.. وأمانيّ.. وحلما..
وقوله تعالى: (لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ)، ليس كما توهمه أقوام فأوغلوا، فيه، ولعلي أعود بكم إليه.
ويبقى شطر بيت لحكيم حدث، خزان حكمة لمن يستفيد..
ويشمتون في أطفال غرقوا!!
ويحرقون عيون تراثهم ليدفؤوا على لهيبه!!
وينغضون رؤوسهم ليدفعوا حقا بباطل ورثوه.
وستبدي لك الأيام وقد أبدت..
أنيابا عصلا، ووجوها كالحات..
وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وسوم: العدد 1041