عقل الثورة والثوار .. وعقل "نصف كم.."
حين نعود إلى فضاء الثورة السورية الكبرى سنة ١٩٢٥ والتي استمرت حتى حققت بعض أهدافها الكبرى، ١٩٢٧
واجتمع عليها أحرار سورية من الجنوب إلى الشمال، بقيادة سلطان باشا الأطرش، مع أحرار الغوطة وبقية المحافظات السورية، وبمشاركة صالح العلي وابراهيم هنانو ونخب وشخصيات من الأردن ولبنان..
ونتأمل في صناعتها وقيادتها ، نرى أن العقل المدبر الذي قادها ، ورسم أهدافها، وأحسن التأتي في حراكها العملي والسياسي،
عقل سوي كامل قد تربى، سائر قادته في ظل دولة الأمة التي هدمتها اتفاقية سايكس بيكو بكل تداعياتها الكارثية..
احفظوا أن أمثال سلطان باشا الأطرش وحسن خراط وأحمد مريود ويوسف العظمة وابراهيم هنانو والأتاسي والجابري والعظم والقوتلي والشهبندر قد نشؤوا في أسرة مجتمعية صحية، في ظل دولة الأمة، وبعضهم كان من أركانها فنضجت عقولهم متكاملة قويمة سوية عرفت كيف تقود وكيف تسود…!!
بينما العقول من طراز -نصف كم- التي نشأت في ظل الأبترين والأحقرين، فاكتسبت كثيرا من صفاتهم، إلا ما رحم ربي، لا تعرف كيف تقود ولا كيف تسود ولا متى تصمت، ولا متى تقول!!
هذا الطراز من العقول هو الذي يقال فيه: تريد أن تعرب فتعجم، وتريد أن تكحل فتعمي..
عقول هذه الفئة من الناس، التي فقست عنها البيضة في بئر الطائفية والإقليمية، والمحدودية والأنانية والغرور والغطرسة؛ لا تقدر تستشرف معنى الأفق الرحب، ولا فضاء البحر المحيط. وقاع بيرها كل عالمها، ومياهه مرآتها..
وكل ما عدا ذلك سراب..
لنعلم ذلك ونتقيَه ففي مثل هؤلاء يكون خراب العمران وضياع الأوطان..
حيّ الله من سورية سهلها وجبلها..
حيّ الله ثوارها الأحرار من كل منبت، وعلى كل خلفية..
أيها السوريون: خذوا العفو ، وامروا بالعرف، وأعرضوا عن الجاهلين..
فالإعراض عن الجاهلين فريضة..
ولنكن جميعا مع كل من يهتف ضد الظالم المستبد. من القامشلي إلى دير الزور إلى حلب إلى طرطوس واللاذقية إلى حمص إلى السويدا ودرعا و دمشق وغوطتها، مدينة مدينة، وبلدة بلدة، وقرية قرية، وعشة عشة..
مع المسلم والمسيحي يهتف ضد الاستبداد والفساد..
مع السني والعلوي والدرزي والاسماعيلي يهتف ضد الاستبداد والفساد
مع العربي والكردي والتركماني والشركسي والشيشاني يهتف ضد الاستبداد والفساد…
فليسقط الاستبداد تحت كل العناوين…وتحت كل الرايات وعلى كل الخلفيات..
عجيب أمر الذين يروجون للاستبداد باسم الإسلام، ربنا يقول لنا: أمركم شورى بيننا. وهم يزعمون أنهم القيمون أبدا علينا..!!
وسوم: العدد 1047