صاروخ سكود على سوق الخضار في الرقة أم على مؤتمر جنيف الثاني ..؟!

صاروخ سكود على سوق الخضار في الرقة

أم على مؤتمر جنيف الثاني ..؟!

زهير سالم*

[email protected]

في الوقت الذي أمسينا فيه على مطالبة من وزيري الخارجية التركي والإيراني بإعلان وقف إطلاق النار على الأرض السورية كنوع من التمهيد لمؤتمر جنيف أو إظهار حسن النية بين يديه ؛ فقد أصبحنا على خبر فاجع يؤكد مقتل العشرات من أبناء الرقة ، بإطلاق بشار الأسد ساعة الفجر صاروخ سكود الاستراتيجي بعيد المدى على سوق الخضار في الرقة مما أحدث دمارا هائلا وأوقع العشرات من الضحايا والجرحى ..

لا يمكن لسياسي أن يقرأ رسالة الصاروخ على أنه تعبير عن إرادة القتل العارية فقط ، رسالة القتل للقتل . القتل الفوضوي الممنهج الذي لا تقوم به عصابات المتطرفين والإرهابيين كما يزعمون ؛ وإنما يقوم به شخص لا يزال له ممثل يتمنطق باسمه على منصات المنظمات الدولية ومنابرها !!!

فالصاروخ ثانيا إلى جانب أنه تعبير عن إرادة القتل العارية في شخصية القاتل المبير بشار الأسد ؛ إلا أنه يحمل في تفاعله العاجل مع تصريح وزيري الخارجية ( التركي – الإيراني ) جوابا حيويا على وزير الخارجية ليس التركي فقط بل الإيراني أيضا . يقول مطلق الصاروخ : هذا جوابنا على اقتراحكم الذي يتجاهل كثيرا من الحقائق ، بل يحاول أن يقفز عليها ..

والصاروخ ثالثا هو رسالة ناطقة ومعبرة ولا يغيب فحواها إلا عن الصم البكم العمي الذين لا يريدون أن يروا أو يسمعوا أو يعووا من المتحدثين والخطباء على منابر جنيف ومنصاته ..

الصاروخ القاتل المدمر الذي أصاب اليوم العشرات من أهلنا البسطاء الأبرياء باعة الخضار الذين يسعون إلى رزقهم ورزق عيالهم مع الفجر في هذه الأيام الصعاب ، والذين لا يأبه لهم أحد من المتصدرين على كراسي المعارضة ؛ هو في حقيقته نسف لجنيف الثاني ، وجواب واضح لكل المتشدقين حوله والمعولين عليه ..

هذه الحقيقة الكالحة تفرض نفسها بقوة على أولئك الذين لم يعد يؤلمهم من أمر هذا الشعب شيء . الحديث عن جنيف واحد والتمسك ببنوده وتنفيذها يجب أن تقطع الطريق على أي حديث عن جنيف 2 . وعلى رأس بنود جنيف واحد سحب الأسلحة الثقيلة من بين ظهراني المواطنين .

لن ينفع أن نشجب أو أن نستنكر أو ان ندين . جريمة المجرم اليوم يشترك فيها كل المتواطئين معه والساكتين عليه .

لا ينفع لبشار الأسد أن يعلن أنه قابل لجنيف اثنين نظريا بينما هو ينقض أسسه العملية أساسا أساسا ..

جوابنا اليوم أن نعلن أننا لن نتفاوض في جنيف اثنين على مقررات جنيف واحد . ولن نذهب إلى جنيف اثنين إلا بعد أن تصبح مقررات جنيف واحد واقعا يعيشه كل السوريين . إن استنكارنا العملي لمجزرة صاروخ سكود على أهلنا في الرقة هو في إلزام المجتمع الدولي بموقف حاسم يقود بشار الأسد إلى مربع تطبيق المقررات الدولية . بلا لف ولا دوران . وحين يعجز المجتمع الدولي عن الإلزام بمقررات جنيف واحد فهو عما سيكون في جنيف اثنين أعجز ..

موقف عملي حاسم نعلنه يغنينا عن نشجب ونستنكر وندين ونحتج .

عزيز علينا ما حل بأهلنا في الرقة وما يحل بهم على كل الأرض السورية

وعزاؤنا إلى أحبابنا في مدينة الرقة . عزاؤنا إلى الأمهات والآباء وإلى الزوجات والأبناء ودعاؤنا بالرحمة والقبول للشهداء و بالشفاء للجرحى والمصابين ...

وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ..

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية