قالت العرب: عدو عاقل خير من صديق أحمق جاهل
وأنا ظللت عمري أتساءل: أيهما أكثر شرا وضررا؛ العدو العاقل بعيد النظر المكار المداري المواري كثير الالتفاف… أو العدو الأحمق الأرعن قصير النظر المبادي بمعنى الذي يباديك بالسوء والشر عند أول منعطف؟؟
ودارت في نفسي مع نفسي حول هذا الموضوع حورات وحوارات. وإذا قلت: إنني أدرت على هذا الموضوع عشرات جلسات الحوار النفسي أو العقلي لا أقول قد بالغت..
وبعد استعراض العشرات من التجارب الخاصة والعامة، وبعد نصف قرن من التأمل…
خلصت إلى النتيجة: اللهم إني أعوذ بك من عداوة الأحمق، ومن صداقته أكثر.
يقول لي محاوري الداخلي إن العدو المكار يأخذك إلى النبع ويعود بك عطشان..
وأقول له إن عدوك أو صديقك الأحمق، إذ لا فرق، يأخذك كلاهما إلى النبع ولا يعودان بك أبدا..!!
في حياتي الشخصية، والعامة، لم يخدعني عدو قط مهما كان مكره، وقعت مرارا وتكرار ضحية للآخرين، خدعت بسذاجتهم لا بمكرهم، لا تقل لي فأنت أكثر سذاجة منهم. سمعناهم يقولون: من خدعك بالله فانخدع له.. فانخدعنا!!
عدوك العاقل المكار الكيود، يعرف من قوانين الوجود والتدافع وسنن الكون ما يجب أن يرضخ إليها فيرضخ، نمرود مثلا خنس عندما قال له سيدنا أبونا إبراهيم: فأت بها من المغرب؛ ولكن الحمقى أعداءً وأصدقاءً؛ في كل يوم يطلعون علينا بشمس جديدة بلون جديد من جهة جديدة..
ألم تسمع قول المتنبي:
يفضح الشمس كلما ذرت الشمسُ
بشمسٍ منيرة سوادء
وهذا الموضوع عندي لو ألفت فيه كتابا لما استوفى.
قال العبراني: يا رب لو كان لك حمار لرعيته مع حماري!!
فانتهره سيدنا موسى عليه السلام!! فجاءه جبريل فقال له: يا موسى ربك يقرئك السلام، ويقول لك؛ إنما أجازي عبادي على قدر عقولهم..!!
كان أحد الأئمة، هو الإمام الشافعي رحمه الله، لأن من طريقة بعض المكارين إذا أرادوا أن يذكروا فضيلة لغير إمام مذهبهم؛ قالوا: قال أحد الأئمة، وهذا محفوط عندي عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: قال ما جادلت جاهلا إلا غلبني، ولا عالما إلا غلبته
وهذا نص بيدي على أن عداوة أو مخاصمة "ولكل لفظ معنى" العقلاء أقل كلفة أو شرا أو سوء من معاداة أو مخاصمة الحمقى والجهال وأصحاب النزق والطيش والعصبية..
وأضيف ولعل صداقة هؤلاء أبلغ في الأذى والشر والسوء..
لعلنا نتفق..
والذين يحبون مخالفتي من حقهم، فالموضوع ليس سهلا، ولكن بالحلبي: يصطفلو..
وسوم: العدد 1061