دفن الأحياء وسرقة الموتى: «الاستهداف الدقيق»!
هبطت تصريحات جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، خلال زيارته إلى إسرائيل، يومي الخميس والجمعة الماضيين، بالتوقّعات الإعلامية عن «ضغط أمريكي» لوضع حد زمني للعدوان الوحشي الإسرائيلي على غزة، متحدثا بدل ذلك عن أن «تحقيق أهداف إسرائيل في الحرب سيستغرق شهورا، لكن القتال سيستمر على مراحل، من الحملة الحالية التي تعتمد على القصف المكثف والعمليات البرية» إلى «الاستهداف الدقيق لقادة حماس»!
قرأت حكومة اليمين العنصري، و»كابينت الحرب» الإسرائيلي، هذه التصريحات باعتبارها فترة «سماح» أمريكية جديدة تطلق يد جيش الاحتلال في تكثيف الإبادة واختراع أنماط غير مسبوقة من الإجرام الجماعي والهمجية وإذلال الكرامة البشرية ضد الفلسطينيين.
بعد يوم واحد من تلك التصريحات انهمرت معلومات وشهادات واردة من مواطنين وطواقم طبية وإعلامية تشير إلى دفن القوات الإسرائيلية مواطنين أحياء في ساحة مستشفى كمال عدوان، وأن بعضهم شوهدوا أحياء قبل حصار المشفى. سبق ذلك إخراج قوات الاحتلال للجرحى إلى العراء في أجواء برد شديد واعتداؤها على كوادر طبية وتدميرها الجزء الجنوبي من المشفى فيما 12 طفلا ما زالوا يتواجدون داخل الحاضنات دون ماء ولا غذاء.
في اليوم نفسه أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل «بالخطأ» ثلاثة رهائن لأن جنوده اعتقدوا بأنهم يشكلون تهديدا لهم، في دليل آخر على «الاستهداف الدقيق» الذي تحدّث عنه سوليفان، والذي لم يوفّر حتى أسرى إسرائيليين كانوا يحملون خرقة بيضاء ويتحدثون بالعبرية لمنع استهدافهم.
كشف موقع بريطاني عن شكل آخر من الإجرام الإسرائيلي بنقله عن أحد سكان غزة قوله إن الجنود الإسرائيليين قيدوه وربطوا عليه متفجرات ووضعوا على رأسه كاميرا ثم أدخلوه في نفق يشتبهون في وجود عناصر من «كتائب القسام» فيه بقصد تفجيره بهم.
لم تقتصر جرائم الوحشيّة الإسرائيلية على الأحياء بل امتدّت إلى ضحاياها الأموات، وقد نقل أحد الصحافيين المقيمين في غزة، صورة عما حصل في مقبرة الفالوجا بعد أن نبشت الجرافات العسكرية الإسرائيلية القبور فيها، وعن اكتشاف بعض السكان فقدان بعض أقاربهم، كما أشار المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى سرقة الجيش الإسرائيلي لجثث يعتقد أنها تخص نشطاء فلسطينيين.
إضافة إلى تجريف المقابر وسرقة الجثث ودفن الأحياء تابع الجيش الإسرائيلي اعتقال آلاف المدنيين، وارتكاب جرائم إعدام ميدانية، وتبعت ذلك عمليات تنكيل وتعرية واختفاء قسريّ للمئات منهم.
الواضح، بالنظر إلى ديناميّات العلاقة بين حكومة بنيامين نتنياهو وإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن إسرائيل تتجه إلى مزيد من التصلّب، وإلى ارتكابات إجرامية أشد همجية وفظاعة، مراهنة، في ذلك، على بؤس منسوب الضغط الأمريكي، وذيلية الموقف الأوروبي، وهشاشة الوضع العربي.
وسوم: العدد 1062