مشاريع العهد الديموقراطي المسروقة
اعزائي القراء ..
في عهد الاستقلال وما تلاه في العهد الديموقراطي قامت نهضة اقتصادية رائعة ومصانع منتجة لم تحصل منذ ذلك العهد حتى الان ، فقد كانت الرأسمالية الوطنية عماد تلك النهضة ، فلم يكن يوجد في سورية راسمالية اجنبية تستغل الآخرين ليتهموا بانهم عملاء الاستعمار ، وهي حجة الانظمة الديكتاتورية للضحك على الشعوب ،فتم تأميم المصانع الوطنية لتصبح في يد النظام الديكتاتوري والذي لم يستطع تأمين حتى رواتب العمال بسبب مصائب التأميم واهمها السرقات من المتنفذين واسيادهم .
بينما كان حتى التأمين الصحي وارباح اخر السنة مؤمنا للعمال قبل سرقة المعامل من اصحابها، وكمثال : الشركة الخماسية في دمشق والتي كانت في العهد الديموقراطي تعيل 5000 اسرة .اعجب بها رئيس ماليزيا السابق الدكتور مهاتير محمد اثناء زيارته لدمشق في ذلك الزمن المزدهر وتمنى ان يقيم مصانع في بلاده على غرارها .
اليوم ، وما أدراكم ما اليوم. فصاحب المعمل يتمنى اي شخص ان يشتري مصنعه ولو بثمن زهيد ، فالنظام هدفه دفع الضريبة والتي يحددها اعتباطاً على اصحاب ماتبقى من معامل بينما خسارتهم وتوقفهم عن الانتاج معظم الشهور السنة تجعله هو وأسرته يعانون الأمرين للحصول حتى على لقمة عيشهم ،
اما المصانع التي كانت منتجة في العهد الديموقراطي كمصانع النسيج والأسمنت والمحالج والمضخات وغيرها فكل مافعلته مخابرات هذا النظام انها وضعت صورة (القائد ووريث القائد) على باب المصنع لايهام البسطاء من ان هذه المصانع هي المشيدة في عهدهم .
واكثر من ذلك مدرستي الشهيرة ثانوية المامون والتي شيدت في عام 1892 و بنيت على الطراز الفيكتوري والتي تخرج منها رجالات الوطن ، تجد اليوم صورة امبراطور الكبتاجون على مدخل المدرسة الرئيسي وهي تحت مراقبة مايسمى بشبيبة الثورة، وكذلك بقية المدارس والشركات والجامعات والمستشفيات وغرف العمليات حتى الشوارع والأزقة لاتخلو من صور هذين الاثنين كما اضافوا صورهم المشؤومة حتى على الابنية التي دمرها الجزار ببراميله ،
اعزائي القراء..
في عام 1974 طلبت ادارة مصنع الأسمنت في منطقة المسلمية في حلب تجديد اعمال التدفئة والتهوية الصناعية والتكييف لمبنى المختبر والادارة والورشات تصميماً وتنفيذاً .وقد رست المناقصة على مكتبنا انا واخي المهندس غسان ، هذا المصنع انشيء في العهد الديموقراطي ولكن اليوم يجب ان تزينه صورة امبراطور الكبتاجون وهذا هو المهم لهذه العصابة .
يومها تعرفت على مدير الورشات " ابو حسن" قال لي ابو حسن : منذ العهد الديموقراطي وانا أدير الورشات ولكن منذ ذلك الزمان مازلت اذكر زيارة مدير المصنع الاستاذ احمد قنبر "وهو وزير سابق في العهد الديموقراطي والمدير المسؤول لجريدة النذير الشهيرة في ذاك الزمن" كانت زيارته لنا ليلاً ، اسرع احد الحرس ليخبرني باستقباله عند مدخل المصنع، اسرعت ورحبت بزيارته المفاجئة، وسرت معه في ارجاء المعمل الفسيح ، كل شيء كان على مايرام الا لمبة على عمود كهربائي في احد الطرقات كانت محروقة ، توقف الاستاذ احمد قنبر وقال لي :ابو حسن!! .. لماذا لم تبدل هذه اللمبة المحروقة ، قلت له ان شاء الله بكرة وهي كما ترى حضرتك لا تؤثر على اضاءة الطريق اطلاقاً، رد على قائلا ً: إذا كانت لا تؤثر فلماذا وضع المصمم عمود الكهرباء هنا .؟ صمت ولم اجد جواباً لسؤاله. ثم أكمل قائلاً . ابو حسن سأقطع من راتبك 10% لشهر واحد حتى تكون اكثر اهتماماً بمصنعك .
سمعت هذه القصة من ابي حسن وكان يسردها لي وهو مفتخر بمديره السابق حيث قال لي : تقبلت العقوبة بكل رحابة صدر لسببين : الاول لان العقوبة منطقية ، والسبب الثاني : لانها صادرة عن رجل شريف وأمين ومخلص وليس ممثل ليستشرف علي بينما هو بالع مع اسياده نصف انتاج المصنع .
أعزائي القراء ..
الثورة السورية يجب ان تستمر فإنهاء النظام الاجرامي الفاسد هي الخطوة الاولى، واعادة بناء المجتمع على يد المخلصين من كل التخصصات وهي خطوة ثانية لاتقل أهمية عن ازالة النظام الاجرامي الذي افسد كل شي.
والاعتماد على انفسنا بعد الله وتلاحمنا هو طريقنا للنصر .
وسوم: العدد 1069