حدثونا عن رمضان فأكثروا وقولوا لدعاة الشر أقصروا
وقرأت منذ أيام، مقالا يوزعه متبنيا له، رجل غير مسلم، ولا من الفرق المحسوبة على الإسلام، ولا هو من أهل الكتاب..
يعلّم علماء المسلمين، أو يعلّم عليهم، كما نقول في لغتنا الدارجة..
يقول المقال والله أعلم بصاحبه ونيته: جاء رمضان، فلا تحدثوا الناس عن الصيام، ولا عن فضائله، ثم يذكر قائمة تشبيحية، من الاتهامات التي يرمي بها عموم المسلمين، ويخص بها الصائمين، اتهاما بالباطل، فيقول علموا المسلمين أن لا يشهدوا الزور، وأن لا يأكلوا أموال الناس بالباطل، وأن لا يحرموا بناتهم وأخواتهم من الميراث، في مدونة اتهامية للصائمين، تتجاوز مفرداتها العشرة اتهامات!!
قرأت هذا على صفحة عامة، يتبناها ويوزعها ذلك الدعي، ولا أعلم من رصف مرصوفة الجهل تلك بين يدي الشهر المبارك، الذي أنزل فيه القرآن، فأدرت وجهي ألما، وغيظا، وقلت ما بيننا وبين أعداء الإسلام أكبر، وسألت الله أن يذهب كيد قلوبهم إذا شاء.
منذ ذلك اليوم، وهو قريب، وصلني المقال، وقد أعيد تبنيه وتحويله عدة مرات، من أشخاص أعلم أنهم مسلمون طيبون، ولكن ما أكثر ما تغلب على بعض الناس غفلة الصالحين..
اللهم علمنا ما ينفعنا
ولا يجوز أن يكون المسلم حاطب ليل، ولا يهرف بما لا يعرف، ورب أمر لا يحيط المسلم بعلمه.. فليتوقف فيه. وربما خفي الأمر على بعض الناس فالفرق بين التسبيح والتشبيح نقاط الشَّين!!
وانتشر عندنا في مدينة حلب البهية في مطلع الستينات: دعاء طاغوري؛ يبدأ هكذا: اللهم لا تجعلني جزارا يسلخ الشياه، ولا شاة يسلخها الجزار.. وشاع بين الناس، وعُلق على الجدران؛ فانتدب له الشيخ عبد الفتاح أبو غدة يومها في خطبة جمعة، يحذر الناس من الرغبة عن جميل المأثور من الدعاء، ودقق في الورقة المطبوعة يومها، حتى نبهنا أنه اكتشف في أعلاها صليبا وفي أسفلها..
وكانت محاولة لإضلال المسلمين عن الإسلام، أعوذ بالله أن نكون من سعاتها…
جاء رمضان فحدثونا- أيها الأجلّة- وزيدوا ما شئتم عن بركة الصوم، وعن التقوى التي يورثها، وعن أركانه وسننه وآدابه وبركاته وفضل الصدقة فيه. حدثونا عن بركة السحور، وعن فضيلة الافطار على التمرة، وعن السبق في تفطير الصائم، ولاسيما إذا كان الصائم جائعا، لا يجد ما يفطر عليه. سادتنا أهلَ الرجا حدثونا عن رمضان فأكثروا، حدثونا عن شهر القرآن، حدثونا أن رسولنا كان من أجود الناس، فإذا جاء رمضان كان يكون أجود من الريح المرسلة، حدثونا عن بدر والفتح ونهاوند التي سمى المسلمون فتحها "فتح الفتوح" وكان شهيدها سيدنا النعمان بن مقرن، وكان فيها زوال دولة الفرس، ونهاية آخر أكاسرتهم يزدجرد..
حدثونا عن رمضان وعن صدقة الفطر فيه "طهرة للصائم وطعمة للفقير"
ويا معشر الأشرار والمغفلين كفوا فإن لم تكفوا فعفوا وهذا الشهر شهرنا
بلّغني الله وإياكم رمضان وأعاننا على صيامه وقيامه وأداء حقوقه… وتقبله منا كاملا غير منقوص.
وسوم: العدد 1072