الولايات المتحدة تسوّف وتتلكأ في إرغام الكيان الصهيوني على وقف جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة

بعدما طال العدوان الصهيوني فريقا من عمال  الإغاثة الأجانب  العاملين فيما يسمى المطبخ المركزي  ، تظاهرت الإدارة الأمريكية المنافقة بإبداء الغضب من هذا العدوان والتنديد به ، وسوّقت إعلاميا  تسويقا رخيصا وممجوجا أن الرئيس الأمريكي قد  شدّد لهجته مع رئيس وزراء الكيان  الدموي  خلال مكالمة هاتفية جرت بينهما ، وأنه قرر التأكد من تطبيق هذا الأخير لما يطالبه به من كف عن العدوان على المدنيين  في غزة ، ومن فتحه للمعابر من أجل إيصال أكبر قدر من المساعدات إليهم ، وأنه  قد قرر الإيقاف المؤقت لتسليحه ريثما يطبق ما أمره به . وما كل ذلك في واقع الحال سوى ذر للرماد في العيون من أجل تملصه من المسؤولية المباشرة عن جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكب بآلته الحربية  المدمرة  للإنسان، والعمران، و حتى الحيوان ، والتي لم تتوقف منذ السابع من أكتوبر الماضي  وهي تنقل عبر جسور جوية ،وبحرية، وبرية كل ساعة . وما هذا الذي سوق إعلاميا سوى تسويف وتلكأ من أجل إمهال الكيان الصهيوني الوقت الكافي لاستكمال إبادته الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة ،والعمل على تهجيره قسرا تحت ذريعة استئصال شأفة المقاومة في منطقة رفح .

ولو كانت الإدارة الأمريكية جادة بالفعل ، وتريد حقا حقن دماء الفلسطينيين، وإيقاف المحرقة أوالإبادة الجماعية، لما ترددت لحظة، ولكنها واقعا لا تريد ذلك، بل تصر على استمرار مأساة هذا الشعب المحتلة أرضه بالقوة المستمدة من هذه الإدارة الظالمة والمنحازة انحيازا كليا إلى جانب المحتل دون قيود أو شروط  منذ استنباته في أرض فلسطين، هي وحليفاتها الأوروبيات .

ولولا قصف الكيان الصهيوني لفريق الإغاثة الأجنبي، لما حصل هذا التسويق الإعلامي الرخيص لمواقف وهمية منسوبة إلى رأس الإدارة الأمريكية  الضالع ضلوعا في جرائم الإبادة الجماعية في قطاع  غزة ، وهو المسؤول الأول عنها من خلال ما يمد به الكيان الصهيوني من أسلحة دمار شمال .

 وتزامنا مع موقف تسويف وتلكأ الإدارة الأمريكية ، ومحاولة تملّصها من المسؤولية المباشرة عن جرائم الإبادة الجماعية ، اعترضت الحكومة الألمانية على قرار مجلس حقوق الإنسان الأممي  بحظر تصدير الأسلحة إلى الكيان الصهيوني ، الشيء الذي  يؤكد أنها تزوده هي الأخرى بالأسلحة ، وتشاركه في ارتكاب جرائمه الهمجية ، وذلك في محاولة منها التكفير عما ارتكبته نازيتها  من جرائم في حق اليهود إبان الحرب العالمية الثانية ، وهي التي لا زالت لأكثر من ثمانية عقود تدفع للكيان المحتل تعويضات مالية باهظة ، فضلا عن تزويده بالأسلحة الفتاكة المتنوعة  والممنوعة دوليا . وتتصرف الحكومة الألمانية مع الكيان الصهيوني  إمدادا ودعما ومساندة بكل وقاحة ، وكأن الشعب الفلسطيني هو من ارتكب المحرقة ضد اليهود وليست نازيتها الدموية  .

وليست الحكومة الألمانية  وحدها  من اعترضت عن قرار منع تصدير الأسلحة إلى الكيان الصهيوني إلى جانب الولايات المتحدة ، بل هناك إدارات أخرى منها إدارات أمريكية لاتينية تابعة ، لها مصالح مع هذا الكيان جعلتها تشجعه على التمادي في جرائمه ، في زمن انهيار المبادىء من أجل المصالح ، ويكفي أن تكون كل إدارة  مهما كانت في العالم شريكة للكيان الصهيوني في جرائم حرب الإبادة الجماعية في غزة  حين ترفض قرار تصدير الأسلحة إليه ، بل مجرد عدم التصويت عليه يدينها وفق القانون  الذي يعتبر الساكت على الجرم شريكا للمجرم في إجرامه .  

لقد انهارت  قيم عالم الغرب شمال المتوسط، وغرب الأطلسي التي طالما صكت دعايته  الإعلامية الرخيصة أذان الرأي العام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية ، وهو يتبجح بأنه عالم حر ، وهو الوصي على العدالة فيه ، وهو صائن الحريات ، وهو أبو عذرة الديمقراطية في العالم  ، والمسؤول الأول عن حقوق الإنسان ، وهو المبشر الوحيد بالسلم والسلام ، وهو وهو .... إلى غير ذلك من القيم التي لم تكن منذ نهاية الحرب العالمية سوى ادعاءات  كاذبة لا أساس لها من الصحة ،قد وظفت، واستعملت ،واستغلت من أجل  تبرير احتلال  بلدان في العالم الإسلامي والعربي  ، وأولها أرض فلسطين التي سلمت على طبق من ذهب إلى عصابات إجرامية صهيونية، ها هي اليوم قد استقوت بسبب الدعم اللامحدود واللامشروط الذي يقدم لها من طرف العالم الغربي كله ، وهو عالم القيم الخربة المعبرة عن أسفل درك الانحطاط الخلقي  الذي شهدت به شعوبه في مظاهراتها واحتجاجاتها قبل الشعوب المستضعفة .

وإلى أن يتغير وضع المعمور الذي يستبد به العالم الغربي تستظل الشعوب المستضعفة ، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني ، وشعوب مسلمة أخرى  فريسة البطش والابتزاز السافر حتى يقيض لها الله تعالى من يحررها من جوره الفظيع الذي سيسجله التاريخ كما سجل فظائعه في فترات مضت استحل فيها احتلال الكثير من شعوب هذا المعمور ، وقد كانت بلاد العروبة والإسلام أكثر البلاد معاناة من احتلاله البغيض .

وسوم: العدد 1075