ثورة الجامعات الكافرة

في قديم الزمان قال "حبيب بن أوس الطائي" في بائيته الشهيرة التي مطلعها: " السيفُ أصدقُ إنباءً من الكتبِ.... " ... فقد قال أبو تمام يصف حال انتقال عدوى سقوط مدائن الكفار حصنا بعد حصن؛ بُعيد معركة "عمورية" الشهيرة التي يُقال إنها كانت ردا من الخليفة "المعتصم" لنداء حرة مسلمة استنجدت صارخة" "وامعتصماه" ؛ في هذه القصيدة الخالدة شبه أبو تمام حالة تساقط مدن الفرنجة بوباء الجرب المعدي:

حَتَّى إذَا مَخَّضَ اللَّهُ السنين لَهَا        مَخْضَ البِخِيلَة ِ كانَتْ زُبْدَة َ الحِقَبِ

أتتهُمُ الكُربة ُ السَّوداءُ سادرة                منها وكان اسمها فرَّاجة َ الكُربِ

جرى لها الفالُ برحاً يومَ أنقرةٍ      إذْ غودرتْ وحشة الساحاتِ والرِّحبِ

لمَّا رَأَتْ أُخْتَها بِالأَمْسِ قَدْ خَرِبَتْ       كَانَ الْخَرَابُ لَهَا أَعْدَى من الجَرَبِ

 

لقد مشى وباء جرب الثورات الجامعية الغربية المنتفضة على الحرب الدموية الكافرة على غزة كما يسري الجرب بين طلاب المدارس. لقد بدأت الجامعات الأمريكية العريقة "ككولومبيا" بالانتفاض، ثم امتدت إلى الجامعات الألمانية العريقة كبرلين، ثم إلى الأسترالية .... وأمس وصل الجرب النافع الجميل إلى أعرق جامعات بريطانيا العظمى "أوكسفورد" و"كيمبريدج".

اللافت للنظر أن الجامعات البريطانية لم تُجابه طلابها المنتفضين على حرب الغزاة البرابرة الصهاينة بالعنف المزري ...الديموقراطي الذي مارسته الجامعات الألمانية والأمريكية على طلابها المسالمين! وهذا يُحسب لهم، ولا ندري هل ستنتقل عدوى جرب العنف إلى الجامعات البريطانية؟ الأيام حبلى بالمفاجآت!

ولن ننسى أن جامعة كولومبيا الأمريكية الشهيرة كانت في صدارة الجامعات الأمريكية المنتفضة على حرب أمريكا واحتلالها الأثيم لفيتنام؛ سنة 1968.

ترى متى سينتقل الجرب النافع الجميل إلى الجامعات العربية والإسلامية؟؟

وبقي سؤال مهم يدور في الخَلَد: لمَ عنونتَها بالجامعات الكافرة؟

نعم؛ هي كفرت بالباطل وآمنت بالحق ... كفرت بدعاوى إسرائيل المزيفة وآمنت بعدالة قضية فلسطين وغزة ... قد يكونون كفارا بديننا الإسلامي الحنيف، لكنهم مؤمنون بالعدالة الإنسانية التي يجب أن تسود العالم أجمع.

هل يا تُرى ستتمخض الجامعات الأمريكية عن معتصم جديد؟

أم نبقى خانعين مع لحن الشاعر الكبير عمر أبو ريشة حين قال بُعيد نكبة حَزيران سنة 1967:

رُبَّ وامعتصماهُ انطلقتْ               مِلءَ أفواه الصبايا اليُتَّمِ

لامستْ أسماعهم لكنَّها               لم تلامسْ نخوة المعتصمِ

 

اسمح لي أن أخالفك هذه المرة أيها الشاعر العربي الكبير؛ لأننا موقنون بأن صلاح الدين والمعتصم هما اليوم في أرحام الحرائر الغزيات المرابطات، وسيتمخض النصر قريبا من أرحام جامعات غربية أو شرقية ... ليس مهما؛ فالمارد قد حطَم الزجاجة، وتباشير الصباح قد لاحت في الأفق الجميل.

وسوم: العدد 1079