ماذا نتعلم من طوفان الأقصى؟
21حزيران2024
عبد العزيز كحيل
ما زال طوفان الأقصى يلقننا دروسا مفيدة على مستوى النخبة والفرد المسلم ويفيد أن غزة الصامدة الشامخة الأبية هي مرآة الأمة وبوصلتها.
- دور النخبة: انسحاب النخبة من الصفوف الأولى وتركها موقع الصدارة واكتفاؤها باقتحام الأبواب المشْرعة كارثة مجتمعية يتضاعف بلاؤها في الأوقات الحرجة حيث تشرئب أعناق الجماهير إلى أصحاب العلم و الفكر والتأثير، والحرب على غزة خير مثال على ذلك، فما بال كثير من المثقفين ينأون بأنفسهم عن ساحة المعركة الفكرية بل يصطفون مع الجلاد ويحمّلون المسؤولية للضحية؟ هل يحتاجون إلى أدلة أخرى ليطلعوا على حقيقة العدوان من جهة وحقيقة الصمود من الجهة الأخرى؟ أليست لديهم نفوس شريفة فتخجل؟ وقلوب حية فتتحرك؟ وأرواح عزيزة فتتمرد على الرداءة والتفاهة وسفاسف الأمور؟ متى ينزعون لباس الهوان ويطلبون المعالي؟ متى يتركون الكرة واللغو والبوليتيك ويقبلون على السعي الجاد والاهتمامات الرفيعة؟ أما الذين يقولون إنهم يحبون غزة وحماس والقسام... لماذا يخفت صوتهم؟ يحزنون عليهم؟ فليعبّروا عن ذلك بالسعي الجاد وبذل كل ما يستطيعون...قولوا لهم :اتركوا مدرجات المشاهدة وقاعات الانتظار وانخرطوا في عمل ينفع الإسلام والأمة والمجتمع والمقاومة، جندوا ألسنتكم وأقلامكم لتحريك الأمة ونصرة الجهاد ودرء شرور الأعداء...هكذا كوني أو لا تكوني أيتها النخبة.
- أيها المسلم... هل غيّرت غزة مسار حياتك؟ هل رسمت لك طريقا آخر غير الرتابة والرداءة واللهو؟احذر أن تكون مساندا للفساد مروّجا له، لا تتفاعل مع المنشورات المخالفة للإسلام (الأغاني الفاحشة، صور النساء، مواضيع الإثارة، الفضائح، الإشاعات ...) لأن هذا من إشاعة الفاحشة، اترك عنك كل ما هو رديء تافه لأن متابعتك له هو الذي جعل التفاهة والفساد والفواحش تنتشر وتصنع النجاح لكثير من الصفحات و القنوات والتافهين، ابتعد عن الخوض في ما يفرق صف المسلمين، مقابل ذلك استغل مواقع التواصل في نشر ما يفيد في الدنيا و الآخرة، ونصرة غزة هي الأولوية، اكتب عنها، دعم المقاومة، افضح المخذلين والمتواطئين، أشدْ بمن ينصر القضية من عرب ومسلمين وأحرار العالم، اجعل غزة مرآتك تبصر الحق وتتبع سبيل الهدى ومرضاة الله ورسوله، وإياك أن تترك الممثل يخدعك أكثر من مرة كما يفعل مع الجمهور، والحقيقة أنه ليس هو البارع بل الجمهور هو الغبي، قبل هذا تعلم من أبناء غزة الأبطال أن تكون بالفعل حرا لأن العبودية لغير الله لم تنته وإنما تمّ إخفاؤها بذكاء حتى لا يشعر العبد أنه عبد رقيق، وها هو الكاتب ياسمينة خضراء يصرح بعقيدة النخبة المتغربة المفرنسة الشغوفة بما تسميه "القيم الإنسانية" ويقول "من يفرح بما فعلته حماس لا يستحق أن يكون إنسانا"، وقبله صرح عميد مسجد باريس أن "طوفان الأقصى عمل إرهابي"، فانتبه يا مسلم.
- غزة هي المرآة: إذا لم يكن صمود غزة معجزة فما هي المعجزة؟ هذا لا يحيلنا إلى العيش في الأوهام ولا نسج الأحلام وإنما يزيدنا ثقة في الله تعالى وفي أنفسنا، فلا نهين ولا نحزن ولا نستكين ولا نتصاغر بل نشعر أننا نحن الأعلون ما دمنا مشدودين إلى مرجعيتنا الإسلامية، آخذين بأسباب القوة من الموارد البشرية والمادية المتاحة، لا نخاف عدوا مدججا بالسلاح وإنما نخاف ذنوبنا وتقصيرنا في حقوق الله وحقوق الأمة، ونحن نشعر أن غزة تعطي دفعا كبيرا للدعوة وللحق حيث تجعل الناس – من جهة – يقبلون على الدين الذي ترفع رايته ومكّنها من الصمود والتفوق والإنجاز العظيم، وتفضح – من الجهة الأخرى – ذلك التناقض العجيب المتمثل في عودة الأتراك وعموم مسلمي أروبا إلى دينهم واستلهام ماضيهم وحضارتهم ونصرة قضايا المسلمين – ومنها غزة – ومحاولة استئناف الحياة الإسلامية، في حين تعود الجزيرة العربية إلى الجاهلية وحميتها وطقوسها، وتصطف مع العدو ضد المسلمين.
وسوم: العدد 1083