رداً على “الكهانيين” وما تفعله مليشياتهم في الضفة.. أنا أيضاً أؤيد “الإرهاب”

مفاجأة، المقاومة الفلسطينية العنيفة في الضفة الغربية ترفع رأسها. هذه الوحوش البشرية استيقظت من سباتها وبدأت تتفجر. إرهاب الانتحاريين عاد، وبات لجيش المحللين في إسرائيل تفسير علمي: هذه أموال إيران، التي لولاها لظلت الضفة هادئة. هو الأخطبوط الإيراني.

كم من السهل عزو كل شيء لإيران. الإسرائيليون يحبون ذلك. هناك شيطان يسمى إيران، وبسببه يحدث ذلك كله. ربما توجد أموال إيرانية وربما لا – تعاظم الصراع هو التطور الأكثر توقعاً وتفهماً إزاء ما يحدث في الضفة الغربية في الأشهر الـ 11 للحرب في غزة. المفاجأة أن ذلك لم يحدث من قبل.

في الأشهر الـ 11 للحرب في غزة، قلبت إسرائيل الضفة الغربية رأساً على عقب، مثلما تقوم الآن بقلب الشوارع في طولكرم وجنين؛ لم يبق منها شيء. هذا هو الهجوم الأصعب على الفلسطينيين منذ عملية “السور الواقي”، بل ويفوقه؛ لأنه يحدث في ظل هجوم آخر أكثر وحشية في غزة. خلافاً لعملية “السور الواقي”، ليس للهجوم الحالي أي ذريعة أو مبرر. إسرائيل استغلت الحرب في قطاع غزة لقلب الضفة. الرد تأخر، ولكنه جاء.

للهجوم ذراعان هذه المرة: الجيش و”الشاباك” وحرس الحدود من جهة، ومليشيات المستوطنين العنيفة من جهة أخرى. هاتان الذراعان متناسقتان ولا تزعجان بعضهما. أحياناً تتداخلان عندما يرتدي الجنود من البؤر الاستيطانية الزي العسكري – “فرق الطوارئ” التي تعطي الشرعية لكل مذبحة. الجيش يحرص على عدم التدخل حتى لو بشكل قليل. في هذا السياق، فإن تصريح مصدر عسكري رفيع بأنه حذر من عنف المستوطنين (“هآرتس”، 29/8، ينيف كوفوفيتش) يبدو تصريحاً لا يمكن تصديقه لعظم وقاحته. “الإرهاب اليهودي يتسبب بضرر كبير للأمن في الضفة الغربية”، قال هذا المصدر الذي قواته كان يمكنها، ويجب عليها، وقف الإرهاب اليهودي منذ فترة طويلة. حتى الآن، لم تحدث مذبحة يقوم بها المستوطنون إلا ووقف الجنود إلى جانبها، وأحياناً يشاركون فيها– الضابط الكبير يتجرأ على تقديم شكوى والتذمر.

7 أكتوبر لم يكن يوم كارثتنا، بل هو أيضاً يوم كارثة الفلسطينيين، لقد نفدت الأقوال منذ زمن حول ما تفعله إسرائيل في غزة، لكنها لم تخف ما تفعله في الضفة الغربية بتشجيع من الوزراء الكهانيين وصمت رئيس الحكومة والوزراء والجمهور. مؤخراً، زرت جنين وطولكرم وقلقيلية ورام الله والخليل؛ لم يعد هناك ما يشبه الواقع في 6 أكتوبر، رغم أنه لم يكن للضفة أي دور في هجوم 7 أكتوبر. استيقظ 3 ملايين فلسطيني على واقع جديد في 8 أكتوبر، ليس لأن الواقع السابق كان إنسانياً وشرعياً. بشهوة الانتقام واستغلال الفرصة، أطبق حذاء إسرائيل القبضة على عنق الضفة بلا رحمة.

عشرات آلاف الدونمات صودرت ونزعت وسلبت في هذه الأشهر، ولا يوجد في الضفة الغربية أي تلة إلا ورفع المستوطنون عليها علم إسرائيل أو أقاموا بؤرة استيطانية لتصبح ذات يوم مدينة. ونصب الجنود الحواجز بكل مكان. لا يمكن الانتقال من مكان إلى آخر في الضفة بدون الاصطدام فيها والوقوف عليها ساعات وساعات. لا يمكن التخطيط لأي شيء في الواقع الذي فقد فيه 150 ألف شخص مصدر رزقهم بعد منعهم من العمل في إسرائيل. الجميع عوقبوا على 7 أكتوبر. الـ 11 شهراً بدون مصدر رزق بدأت تعطي الإشارات. ما الذي فكرتم فيه؟

فتى جديد وصل إلى الحي: المسيرة. وفي ظلام الحرب، بدأ سلاح الجو بعمليات القنص في الضفة المكتظة. حسب معطيات الأمم المتحدة، فإن 630 فلسطينياً قتلوا في الضفة منذ بداية الحرب، 140 من بينهم بواسطة 50 هجوماً من الجو. المسموح في غزة مسموح في الضفة. أدرك الجنود ذلك، وتعاملهم مع الفلسطينيين يكون وفقاً لذلك. إذا لم نكن في غزة، على الأقل سنتصرف وكأننا في غزة. اسألوا كل فلسطيني حول ما مر عليه. اليأس في الضفة لم يكن بهذا الحجم يوماً ما.

بعد كل ذلك، ألن يكون هناك إرهاب؟

وسوم: العدد 1093