هجوم «الكرامة»: رد شعبي أردني على إسرائيل؟
يعتبر هجوم أمس الأحد الذي قتل فيه 3 إسرائيليين عند معبر الكرامة (التسمية الفلسطينية للمعبر) الأول من نوعه ونتيجته منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لكن يمكن إدراجه ضمن عدة محاولات جرت خلال الشهور الماضية وقام بها أفراد من الجانب الأردني لاستهداف إسرائيليين، بينها محاولة جرت في نيسان/ ابريل الماضي أطلق خلالها مسلّح من الأراضي الأردنية النار على دورية تابعة للجيش الإسرائيلي من دون اجتياز الحدود.
حسب المصادر الإسرائيلية فقد ترجّل منفذ الهجوم من شاحنة بضائع كان يقودها وأخرج مسدسا كان قد خبأه وأطلق النار على موظفي أمن إسرائيليين. قامت مروحية بإجلاء المصابين لكن إصاباتهم، التي كانت في الرأس، كانت قاتلة.
قتلت القوات الإسرائيلية منفذ الهجوم واحتجزت السلطات، إثر الحادثة، جميع العاملين العرب في المعبر، كما اعتقلت السائقين الأردنيين الذين كانوا موجودين وقت الهجوم، وأغلقت المعابر البرية مع الأردن «إلى أجل غير مسمى» كما أقفلت المداخل إلى مدينة أريحا الفلسطينية (المحطة الأولى للمسافرين والشاحنات بعد المعبر) ونصبت حواجز فيها، وتوجه مسؤولون عسكريون إلى موقع الحادثة، وتبعت ذلك تصريحات لمسؤولين إسرائيليين كبار بينها واحد لبنيامين نتنياهو تعزو الهجوم إلى «أيديولوجيا قاتلة يقودها محور الشر الإيراني» فيما طالب مسؤول آخر إلى «تطبيق السيادة الإسرائيلية على المنطقة»!
فيما قامت السلطات الأردنية بإغلاق المعبر من جانبها وبدأت التحقيق الأمني في كيفية وقوع الحادثة، فإن تفاعلا كبيرا جرى في الطرقات التي شهدت توزيع حلويات، وفي مواقع التواصل الاجتماعي التي وصفت منفذ العملية بالشهيد، واعتبر بعضها ما حصل «ردا طبيعيا لما يقوم به جيش الاحتلال الإسرائيلي من مجازر بحق إخواننا في غزة».
حمل الهجوم أبعادا رمزية كبيرة، فالمنفذ، ماهر الجازي، هو من قرية الشيخ هارون الجازي الذي قاد المتطوعين في حرب 1948 ضد إسرائيل، وهو من أسرة بطل معركة الكرامة (1968) قائد الجيش الأردني آنذاك مشهور حديثة الجازي، وهي المعركة التي شاركت فيها المقاومة الوطنية الفلسطينية المسلّحة وفتحت أفقا سياسيا جديدا للعرب بعد هزيمة الجيوش العربية في عام 1967.
ذكّر الهجوم أيضا بكون المعبر هو نقطة العبور الوحيدة للفلسطينيين في الضفة الغربية بما فيها القدس نحو الأردن والعالم، وأن إسرائيل تتحكم بالجانب الذي يجب أن يكون تحت سيطرة الجانب الفلسطيني (وهو ما كان مطبقا في معبر رفح من مصر إلى غزة خلال سيطرة «حماس» على القطاع).
تأتي العملية على خلفيّة الحرب الشاملة التي تشنّها حكومة نتنياهو على الفلسطينيين في غزة والتصعيد الكبير في العمليات ضد الضفّة الغربية، التي شهدت، وحدها، استشهاد أكثر من 660 فلسطينيا، وقد تناظر ذلك مع ظهور نتنياهو أمام خريطة انمحت فيها الضفة الغربية، وبظل تصريحات لوزراء «اليهودية الصهيونية» عن ضمّ الضفة وتهجير سكانها، وهو ما اعتبره وزير الخارجية الأردنية أيمن الصفدي تهديدا بإعلان حرب.
الهجوم، ضمن السياق الآنف، هو رد فعل شعبيّ أردنيّ على عمليات الإبادة والإجرام والاستيطان وإجراءات التطهير العرقي المتصاعدة ضد الفلسطينيين، كما أنه، بأكثر من طريقة، محاولة من أحد «النشامى» الأردنيين لاستعادة «الكرامة» التي يقوم الإرهاب الإسرائيلي بمحاولة تكريسها وفرضها على كل العرب والمسلمين.
وسوم: العدد 1094