تحقيق مسألة أيُّ المشروعين أخطر على الأمة المسلمة؛ المشروع الصهيوني.. أو مشروع الولي الفقيه مع الملالي !!؟؟

وأبدأ قولي بتأكيد ولائي التام لفلسطين وغزة ومقاومتها.. ورفضي وبراءتي التامة من مشروع القتلة والمغتصبين. أدعو للأولين اللهم انصرهم، ولأهل الرجس اللهم اكفناهم كيف شئت..

وبعد

فهذا موضوع، طالما سمعت من يجادل أو يماري فيه، فأغضيت أو تشاغلت، أو قلت علّ الناس أو عساهم..

ولكن لما رأيت الدلاء قد كثرت، والناس قد تتايعوا، وكل واد يسيل بقدره، فيا لحظ أو يا لبؤس الواردين!!

أحببت أن أعرض رأيا مجتهدا فيه، وما ظننت نفسي يوما جهينة التي تقطع قول كل خطيب..

المشروع الصهيوني، ويمكن أن نسميه ببساطة مشروع هرتزل ومحازبيه من اليهود ، يشترك مع مشروع الولي الفقيه، خمنئي ومن قبل خميني، وكل من والاهم وسار في ركبهم وإن لم يكن شيعيا ولا فارسيا، بأنهما مشروعان: للهيمنة والنفوذ. وقد تمددا مع الأسف في مرحلة تعيش فيها الجغرافيا العربية حالة من فراغ القوة. حتى صار حالنا كما قال الأول:

لقد هزُلت حتى بدا من هزالهـا

كلاها وحتى سامها كل مفلس

لن أفصل كثيرا في هيكلية مشروع الهيمنة والنفوذ..

اليهودي الصهيوني يحلم بمجد مملكة داود وسليمان

والفارسي يحلم بمجد قورش الكبير.. يوم كان يقاتل عن زهوه على حدود المتوسط

اسمع ماذا يقول البحتري:

وإذا ما رأيـــــــت صــــــــورة أنطا-

كية ارتعت ما بين روس وفرس

والمنايا مواثل وأنو شــــــــر-وان

يزجي الصفوف تحت الدرفس

نحن حين نقرأ سورة الروم ونفسرها ونفسر سر فرح المؤمنين، نختلف في مشاعرنا عن فارسي ما زال يحلم بمجد قورش الكبير… القرآن يأمرنا أن نفرح بهزيمة المجوس وانتصار النصارى، ولكن القوميين منهم لا يفهمونها هكذا…

وهذا الشعور العنصري القومي المريب..

يتلبس به بعض الناس من حولنا، حين يفسرون قول الله تعالى: (وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ …)

سلام الله على سيدنا داود.

مشروع "الهيمنة والنفوذ" بأبعاده المقررة في مظانها، هو محور الصراع العالمي اليوم. الهيمنة والنفوذ في كل الدوائر السياسية والاقتصادية والفكرية والثقافية والاجتماعية.

وقد أعود إلى هذا المشروع في مقال آخر.

الصراع الهوياتي / القومي- والديني- والمذهبي/ أصبح منفيا عن عالم اليوم، ولكن ليس نفيا مطلقا…

فقد تجده في عبارة صهيوني يهتف أو يكتب: الموت للعرب.

أو في عبارة وزير خارجية دولة عظمى مثل لافروف يصرح من الخطر أن يحكم أهل السنة سورية، ولن نسمح بذلك!!

أو في عبارة الولي الفقيه علي خمنئي يعلنها حربا من أنصار من يزعم أنه الحسين ضد أنصار يزيد..

ولقد جرت العادة في هذا العصر أن يظل صراع الهويات عند رجال السياسة الأخباب الماكرين مضمرا..

إذن: يشترك مشروع الملالي بزعامة الولي الفقيه مع المشروع الصهيوني بأنهما مشروعان متوحدان على الهيمنة والنفوذ، مختلفان على نصيب كل منهما في هذه القصعة التي هي قصعتنا.

سؤال لا بد من الإجابة عليه في هذا السياق؛ لماذا نصر على القول بأنه مشروع الملالي ومشروع الولي الفقيه، ولا نقول المشروع الفارسي أو المشروع الشيعي؟؟

كبشر عقلاء مكلفين نحن نعلم

ما كل إيران شيعية ولا كل إيران فارسية.

ثم ما كل الشيعة فرسا، وما كل الفرس شيعة.

بل إن علي خمنئي نفسه هو أذري في أرومته القومية.

هذه حقائق يجب أن ندركها ونحن نتحدث عن مشروع الملالي المقيت.

ويشترك مشروع الملالي مع المشروع الصهيوني أنهما مشروعان للهيمنة والنفوذ، متفقان على اقتسامنا، مختلفان على حظ كل منهما من قصعتنا…

أول ما طالب الكيان الصهيوني الميليشيات الإيرانية في سورية أن تبتعد عن حدوده أربعين كيلو مترا..فقط أربعين كيلو مترا هذا بعد أن ضعف تهديد الثورة للقصر الجمهوري.

إيران وكل ميليشياتها دخلت العراق وسورية بإذن الكيان الصهيوني وأمريكية وروسية، تريدون مني برهانا انظروا لقد مضى قريب الشهرين على استشهاد هنية، والولي الفقيه بكل ثقله يستأذن بالرد فلا يؤذن له.

ونعود مشروعان معتنقان مشتجران؛ ففيم يختلفان إذن ؟؟

وإنهما لمختلفان في أمر شديد الخطورة على أصحاب القصعة التي تداعى كل حثالات العالم عليها…هو أمر شديد الخطورة شديد الأهمية أنبه عليه جماهيرنا عامتنا وخاصتنا ولاسيما من علمائنا أصحاب الفضيلة والسماحة ومحل التوقير…

المشروع الصهيوني بخلفيته التلمودية اليهودية يعتمد أو ينطلق من "دين مغلق" اليهود والصهاينة في مقدمتهم ليس عندهم مشروع تبشيري، هم يعتبرون أنفسهم عبادَ الله الخلص المخصوصين. شعب الله المختار وإله العالم إلههم هم وليس رب العالمين، خصهم بالكرامك بالدين، فلا يقبل رجال الدين اليهود أن يضموا فردا أو مجموعة إلى دائرة تفضيلهم المطلق. وهم يحتكرون أخلاقهم وطرائقهم حتى حار في تفسيرها الناس. اليهود الصهاينة في فلسطين منذ ٧٦ عاما لم نسمع عن مشروع تهويدي، بمعنى أنهم يرهبون أو يرغبون إخواننا الفلسطينيين كي يصبحوا يهودَ "يهود ممنوع من الصرف للعلمية ووزن الفعل"

مهما كانت بواعث هذه السياسة فهي ميزة تكتيكية لمصلحة أمتنا وشعوبها في عصر الضياع وانفراط العقد. لن يحولنا اليهود إلي يهود عقيدة، أما يهودية الطباع والعقول فذلك الذي يجب أن يحذر منه الحاذرون.

بينما مشروع الملالي ببعده المذهبي المتردي، وبكل مباذله العقائدية والأخلاقية هو مشروع متعد، هو أشبه بالجذام أو بالإيدز أو بالطاعون…

أذكّر ويقبح مني أن أذكّر العالِمين ، بهوية إيران المذهبية قبل إسماعيل الصفوي، يوم كانت نسبة الشيعة في إيران لا تزيد على العشرة في المائة!!

علماؤنا الأجلة اسألوا بحق عن نسبة الشيعة اليوم في العراق، وعن عدد المشيّعين حتى اليوم في سورية. وماذا يجري في محيط السيدة زينب في ضريحها المزعوم…

لماذا لا نخبر كل العالم أنه ضريح مدعى مكذوب مثل الدم الذي جاء به أبناء إسرائيل على قميص أخيهم.

أذكركم أن التشيع اليوم ليس تشيعا عقيديا في حب آل البيت، ولعن أصحاب رسول الله فقط..

بل هو وعي وفكر وأخلاق وسلوك يستحل كثيرا من المحارم باسم الإسلام..

المشروع الصهيوني يهددنا بالانمساخين الانمساخ العقدي والانمساخ العقلي والأخلاقي مع الاعتذر للكاتب كافكا اليهودي البولندي الألماني ..

ويخرج عليك درويش ملامتي يحدثك عن أهل القبلة…ويحدثك عن الصراع الهوياتي على مستوى القواقع المغلقة..

في النظرة الاستراتيجية العجلى يبقى المشروع الذي يسلخنا من جلودنا ومن عقولنا وأخلاقنا هو الأخطر..

قاومنا الصليبيين مئتا عام، وعلمناهم وما تعلمنا منهم…

لعلنا نعقل ولعلكم تعقلون.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1096