دعوة لحضور خيمة عزاء لحسن نصر الله ..

أقمتُ خيمة عزاء لحسن نصـ،ـر الله..

وهممتُ أن أدعو الناس للاجتماع لحضور المأتم .. فإذا بي لا أجد أقربائي، فنحن مشردون في البلاد، كل واحد فينا في ما بين شريد، أو شهـ،ـيد تحت التراب، شردنا حسن نصـ.ــر الله!

هممت أن أقوم بالعزاء ليحضر شبابُنا الذين نصروا المقاومة في 2006، ولكن الشباب قتـ.ـلى، وآباءهم ماتوا من الغم والحزن، النساء اغتصـ.ـبت وقتلت، والأطفال ذبــ.ــحوا أحياء في مجـ.ــزرة الحولة، والقصير، ومجـ.ــازر لا تحصى كلها أطفال.. ذبـ.ــحهم أتباع حسن نصـ.ــر الله بأمر منه ..!!

أين سأضع خيمة العزاء؟ القصير مدمرة، الغوطة أصبحت ركاماً، حلب مهدّمة، وداريا ليس فيها حجر على حجر..؟

هممت أن أضعها في مضايا فإذا تحت كلّ حجر أشلاء طفل ذبـ.ــحه أنصار حسن نصـ.ــر الله، وفي كل زاوية امرأة ماتت من الجوع.

هممت أن أحزن، ولكن دموعي ذرفتُها على شهـ.ــداء مجـ.ــزرة الكيماوي

..

هممت أن أحزن لكن دموعي جفت من بكاء استمر عشر سنوات على كل شهيد..!

لم يعد في المآقي مليون دمعة على مليون شهيد قتـ.ــلهم حسن نصر الله وشبابه..

كيف سنحزن ونبكي والحزن كله لم ينقطع بنا منذ عشر سنوات ؟!

وها قد قتل المجرم اليوم تحت الركام، فإذا بي أرى الحجارة في سوريا تضحك تريد أن تخبر أشلاء الطفل الذي تحتها أن قاتله مات أيضاً، وتحت الركام..

الركام الذي يحوي حتى هذه اللحظة أشلاءاً لم تُدفن في دوما وزملكا وداريا، يضحك اليوم وهو يربت على الأشلاء المتفسخة ويبشرها بهلاك قاتلها تحت الركام..

التربة التي لم يبق فيها مكان لشهيد آخر، تضحك اليوم وهي تخبر آلافاً تحتضنهم أن قاتلهم هلك تحت الركام..

كل زاوية في معتقل ضجت من صراخ التعذيب .. كل خيمة احتضنت أسرة مشردة .. كل بحر التقم جثث إخوتي .. كل بناء تهاوى فوق رؤوس ساكنيه .. يضحكون اليوم لهلاك المجرم تحت الركام ..

خجلت من نفسي كيف لا أضحك والحجارة تضحك؟ خجلت من نفسي كيف لا أمتلئ فرحاً وأنا من لحم ودم؟ والحجارة والخيام والمقابر اليوم تضحك وتفرح ..؟؟

رحلت إلى الساحات التي نصبنا فيها خيم عزاء الشهداء، وخجلت أن أبكي اليوم أو حتى أحزن، وناديت:

يا كلّ حجر ضم شهيداً، يا كل ذرة تراب تطهرت بدم طفل، يا كل زاوية اغتـ.ــصبت فيها فتاة:

- اضحكوا .. قاتلكم مات..

- اضحكوا .. هلك المجرم..

- اضحكوا .. هلك الذي سفك دماءكم..

- اضحكوا من ذبحكم اليوم قد هلك ..

- اضحكوا فعدالة الله الدنيوية لم تتأخر .. 

- اضحكوا فقاتلكم اليوم معكم أمام الله في صعيدٍ واحد .. 

- أيها الطفل الذي صاح: (سأخبر الله بكل شيء) .. اذهب إليه وأمسك بلحيته وجرّه إلى الله وقل له: يارب هذا الذي أخبرتك عنه كل شيء ..!

- أيها الطفل الذي صاح وهو يذبـ.ــح: عمو رقبتي توجعني .. يا عمو قاتلك صار بين يدي ربك .. اذهب وقل له يارب هذا الذي أوجعني وهو ينحرني..! 

- أيتها الفتاة التي ما زالت تبكي منذ ان اغتـ.ــصبت حتى ماتت .. امسكيه من رقبته وجريه جراً وقولي: يارب هذا الذي هتك عرضي تم تركني حتى أموت ..!

- أيتها الفتاة التي اغتـ.ــصبوها في مسجد حرملة بن الوليد في جوبر وأسمعوا صراخها على مكبرات الصوت على المئذنة .. أسمعي أهل السماء أن هاتك عرضك في بيت الله أصبح بين يدي الله ..

- يا أهل مضايا الذين ماتوا جوعاً وعطشاً .. قفوا أمام جنة الله وقولوا: يارب هذا الذي أماتنا جوعاً وعشطاً، أفي عدل الله يجتمع مقتول وقاتله في جنتك ؟؟

- يا كل مكلوم .. يا كل مقهور .. يا كل أرملة . يا كل يتيم .. يا كل شهيد .. يا كل من مات من الحصار جوعاً .. هلك قاتلكم وظالمكم وهاتك أعراضكم ..

لا عزاء اليوم .. إنما فرحٌ بحجم سماء الله، وفرحٌ بعدل الله وفرحٌ بحجم جنّة الله، وفرحٌ بحجم جهنم التي كلما امتلأت من المجرمين من أنصار حزب الله وقياداته ومؤيديه والمتعاطفين معه ستقول وهي تخور: هل من مزيد؟ 

المزيد اليوم في كل مكان، وسيصيرون إلى عدل الله حتماً ..

أما أنتم .. أيها الحزينون البائسون بقتله، الحزينون بأن المقاوِم مات ..!

أي مقاومة وهو لم يحرر شبراً، ولم يقتل جندياً؟ وصال وجال في كل مكان إلا في فلسطين؟

أية مقاومة وهو في سوريا نزل بجيش جرّار، وعلى إسرائـ،ـيل صواريخ تصيب العواميد ومزارع الدجاج؟

سنة كاملة وأهلنا في غزة يُقتلون ويذبـ،ـحون على يد إخوانه الصهــ،،ــاينة، فأين مقاومته؟ وأين رجاله الذين كانوا أبطالاً في سوريا؟ وأين مخازن السلاح التي فُتحت في سوريا؟ وأين شجاعتهم حين كانوا يدخلون قرى المسلمين؟

نعم نحن لا نفرح مع قاتليه، فنحن لنا عرسنا الخاص، وقَدَراً أن جاء هلاك ظالم على يد أظلم منه، وهذه من سنة الله التي تقول: "إن الله يقول: أنتقم ممن أُبغِض بمن أُبغِض، ثم أُصيِّرُ كلًا إلى النار".

هلاك الظالم لا يجعلني مع قاتله. وفلن أفتح عزاءاً يجمعني مع قاتل ومجرم ..

وأقول الذين يربتون على يدٍ ذبحت أطفالاً في بيوتها ..

الذين يجمعهم حزن وبؤس مع من شرد عشر ملايين سوري

الذين يجمعهم حزن وبؤس مع من دمر مدن سوريا

الذين يجمعهم حزن وبؤس مع من دمر جميع مخيمات الفلسطينيين في سوريا

لنا ثأر بكل مدينة دمرت، وكل بيت هدم فوق رؤوس اصحابه..

لي ثأر بأربعين فردٍ من عائلتي قتلهم نصر الله ..

فاحزنوا إن شئتم للقتلة .. وكونوا معهم في الصف واحزنوا للمجرمين..

ولكن الوقوف بين يدي الله حتميّ، فسنة الله لا تتغير ولا تتبدّل ..

ووالله منذ أول شهيد إلى آخر شهيد فينا: سنخبر الله بكل شيء ..!!

وسوم: العدد 1096