وأحرص أكثر على بياض قلبي
ووددت أني أبقى صامتا متفرجا، بحيث أسمع وأرى وأقدر الأمور بنفسي لنفسي!!
يدس إليّ بعض من أقدّر؛ أن حبذا لو نأيت بنفسك وتركت ثوبك أبيض..
وأقول: ومما تعلمت في محضني أن بياض القلب أهم من بياض الثوب.
وخاطب الإمام أبو حامد الغزالي حجةُ الإسلام وصاحب كتاب "فضائح الباطنية" والمسلمون في هذا العصر أحوجُ إلى كتاب فضائح الباطنية، وفضائح أهل التقيّة، من مسلمي القرن الخامس الهجري؛ خاطب الإمام أبوحامد الغزالي مسلمي عصره بقوله: إن ثيابكم أزهى وأنصع من ثياب الصحابة، ولكن قلوب الصحابة، يقصد عموم الصحابة وهم الذين لا يلعنهم إلا ملعون، كانت هي الأنقى والأرقى…
في كل صباح أبدأ يومي بقولي: اللهم اهدني لأحسن الأعمال، وأحسن الأقوال، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها، لا يصرف سيئها إلا أنت..
ولو كان الصمت في كل موطن حكمة، لكان أحكم الناس العيي.
نعم أنا في موطن أتشهى الصمت فيه كما سائر العقلاء.. !
ولكنني تتلمذت على شيخ صفحة، سأله مريدُه: متى أصمت؟؟ قال إذا اشتهيت الكلام!! فسأله ومتى أتكلم؟؟ فأجابه: إذا اشتهيت الصمت!!
وهذا موطن طالما تشهّى العقلاءُ الصمتَ فيه، ولكن يقصرُ أهلَ الحق قول الحق: (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ)
وحين يلبّس إبليس، فيحكم فوق رؤوس الناس عقده، فمن يحل هذه العقد غير الذين يذكرون الله فينسون أنفسهم، وبياض ثيابهم، ومكانتهم في قلب فلان، وفي عين فلان، وعلى سماط فلان..
من أول خمسة أسطر كتبتها تحت هذه القنطرة قلت: أمر لو حصل مثله في زمن عمر رضي الله عن عمر، لجمع له كبار رجال الشورى من أهل بدر..!!
بمعنى أنني لم أختر ولم أرد الانفراد به، ولا أزعم أنني من أهل شوراه.. ولكن لا يصلح أن يترك أمر الناس سدى..
قلت بالأمس إن الحرب التي تدور في جنوب لبنان ليست حرب هويات ولا حرب عصبيات..بل هي صراع على السيطرة والنفوذ…
ورأينا وعاينًا من يدعو له أهل البهللة منا، حين كانت له اليد علينا، ولا أريد أن أمعن في المقارنة؛ فيفيد منها من لا أحب أن يفيد من كلامي ببنت شفة.
أعظم حد ورد في القرآن الكريم حدًُ الحرابة، ينفذ على قطاع الطرق وقد يكونون مسلمين..!!
بالأمس مثلا فضيلة الشيخ علي القرداغي في تغريدة له، انحاز إلى فئام القتلة المغتصبين، تحت عنوان عصبوي..
مسلم ويهودي، وأنا أديرها هكذا مجرم يقتل ويدمر ويغتصب النساء بطريقة ممنهجة معممة.. ومجرم يقتل ويدمر ولا يكاد يغتصب إلا …
لا تفجعونا فيما جرى علينا فتخسرونا..
أروي له لفضيلة الشيخ علي، وليس بيني وبينه إلا ما يجب أن يكون بين المسلم والمسلم من ولاء وحب، عن نوري المالكي وكأني أراه الآن وأسمعه على إحدى الفضائيات، وقد أحفظه صحفي بسؤاله عن عمليات الاغتصاب في سجون العراق، في العراق حيث كان المالكي رئيس الحكومة، في العراق وأغار على عرض كل امرأة، وليس فقط كل مسلمة أو كل عربية، أو كل عراقية وسورية حسب معايير العصبية الجاهلية، فقال، قال المالكي: لا إن العدد ليس كثيرا… فقط خمس مائة سجينة!!
اعدلوا عمائكم لا تميل بكم فتميد الأرض بكم. ألا يحذر الشيخ علي من دعوة من إحدى هؤلاء المهتوكات، وهو يدعو لفرق المغتصبين.
المروي عن عمر رضي الله عن عمر في قتل الجماعة بالواحد: لو اشترك أهل صنعاء في قتله لقتلتهم به. وكانت الواقعة قبل اليمن..
ألهذا يكرهون عمر…
وأنا لست من أهل العصبية، ولا أدعو إليها ولا أزينها؛ لا تحت عنوان ابن الأسرة، ولا ابن الضيعة، ولا ابن المدينة، ولا ابن القوم، ولا ابن الملة، ولا ابن المذهب..
أولويتي أن أدور مع الحق حيث دار مجتهدا ما استطعت.. فلا تشعلوا في قلوب الناس نار العصبية لتتدفؤوا عليها.. "دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها". لا عصبوية تجمعني بالقتلة المغتصبين!!
ليست المعركة معركةَ مسلمين ويهود، ولا عرب وعبرانيين..
وحين مثل سيدنا علي رضي الله عنه في مجلس قضاء أمام يهودي، وحكم سيدنا عمر لليهودي، لم يكن عمر يحكم ليهودي على مسلم هذا تمثيل باطل وليس فقط فاسدا… باطل في أصل تصوره، وباطل في طريقة إجرائه..لم يكن سيدنا عمر القاضي ولا سيدنا علي المحكوم عليه من كهنة العصبيات…
وبقي أن أسأل الأخوة في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، عن موقفهم من تغريدة فضيلة أمينهم العام، ولاسيما السوريين والعراقيين منهم، حيث أظهرت العصائب التي يتبناها بعض الناس، في الأرض الفساد، فاعتدت على الأنفس والأعراض والأموال..
ومن حق أولياء الدماء والأعراض أن يعلموا…
أن من تلبيسات أبالسة العصر منذ يومين اختراع عنوان "القصف المتبادل"
قصف يدمر ويقتل ويهجر، وقصف أشبه بحفلة الألعاب النارية..
قلت للعقلاء احتسبوا النتائج، وتناسوا التلويح بالقبضات.
وأكدت هذا المعيار خاص بالمحاربين، ولا علاقة له بالمقاومين. حكم المقاوم حكم من يرد الصائل، يرده بما يصل إلى يده، وهؤلاء الصهاينة المحتلين لفلسطين هم صائلون بالنسبة لأهلها…
الرشقات العبثية التي يقوم بها حزب الولي الفقيه في لبنان لا تدخل تحت عنوان عمل عسكري جاد…
"قصفنا تل أبيب ولكن مضادات العدو تصدت!!"
الأسئلة التي يجب على عقلاء الناس ولن أقول عقلاء الأمة كثيرا، فقد نجح الولي الفقيه وشركاه الصهاينة في فرط عقد هذه الأمة، أنظمة وشعوبا ونخبا وجماهير..أقول على عقلاء الناس أن يتأملوها فيجيبوا عليها.
لا أدري لماذا لا يخرج أكبر جسم علمائي في هذه الأمة فيسألوا الولي الفقيه لماذا ورط الناس في العراق وسورية واليمن ولبنان، نعم ولبنان شماله وجنوبه وهو ما يزال يمسح لحيته، وينظر في عطفيه..
هل استمع عاقل لخطاب الرئيس الإيراني على منبر الأمم المتحدة أمس.
كان جميلا أن نسمع مثل هذه المساءلة من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ومن أمينه العام، ولو على سبيل العصبية!!
أين هو الصاروخ الايراني الباليستي الذي زعموا أن مداه آلاف الكيلو مترات، منذ بضعة عشر عاما، ويقف محلل على إحدى القنوات ليحدثنا عن مدى ٦٠ كم ، وخمسة وستين كم، ودوت صفارة الإنذار هنا، واشتعلت كومة قش قرب حقل هناك، ويصورها طانيوس ويبعثها لقناته فتحتفي بها طوال اليوم.
أكبر انتصار حققه الصهيوني في هذه المعركة بالتشارك مع الصفوي، هو أن يظهر هذا التشقق الشاقولي في بنية الأمة..
وأن يكتب رجل مثلي مضى على انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين ستين عاما أو تزيد، للمسمى كبير الإخوان المسلمين في مصر حين قرأه أو رآه يزلّ وراء أصحاب الزلل: لستُ منكم في شيء. كان قراركم أن تشتروهم وتبيعونا.. في مثلنا الشامي نقول: من أرادك ريدو.. ومن جفاك فبالجفا زيدو … لا نبتغي الجاهلين..
وسوم: العدد 1096