هوامش على حفافي النصر المبين

(إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا)

التسبيح والاستغفار يليقان بأبناء الثمانين

ولم أتربَّ لأكون ناقما، ولم يعرف قلبي النقمة منذ كنت طفلا… ولن تجد النقمة إلى قلبي سبيلا.. هذا شأني، ولا أحرّج على غيري.

ولا أعتبر "الثأر" قيمة إسلامية..

وحين كتب أخي الكبير في كتابه "المنهج الحركي في السيرة النبوية" عن قيمة الثأر وفكرة "أن لا تضيع دماء المسلمين هدرا" حاورته في كتابي الموسوم بعنوان "سقطات وعثرات.." ورددت على فكرة أن الثأر قيمة إسلامية. وأضيف هنا، أن إعطاء الإسلامُ المسلمَ الحقَّ في طلب القصاص، ليس من معانيه شرعنة الثأر كقيمة أخلاقية عليا، أو كقيمة مجتمعية عامة.

ولا أعتبر ما كتبته أعلاه ملزما لأحد. الذي يلزم الناس شرعُ الله. وأنا على المستوى الشخصي من مدرسة (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)

اللهم اجعل أجري عليك في كل ما نابني وأصابني في نفسي ومالي وعرضي..

وأعلم- يا رب- أن حساب عبادك عليك.. فأفوض أمري فيهم إليك..

ثم إنني وبدأت أسمع دندنات المشككين والمتشككين.. ولم يبدأ الناس بعد توزيع الأحمال!!

وأنا أعلم أن في الناس فريقا قال الله تعالى فيهم (وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ)

وأشهد الله على نفسي، وفاء لعهدي مع ربي.. أنني لم أسلك طريقي هذا منذ سلكته طلبا لدنيا ولا تطلعا لمكانة..

ويعلم الله مني أنني في كل مقام قمته بين الناس كنت مضحيا لا مستفيدا… ومعطيا لا آخذا وكان لله علي في كل ذلك الحمد والمنة. وأذكر هذا ذكر بيان لا ذكر امتنان..

وأرى اليوم أن أمر السوريين قد صار إلى مستقره. فأقول إن وقع الأسماء في عقلي وفي قلبي واحد.

وأرفع السجف وأنظر إلى حال السوريين فأبتسم... وأرجو الله لهم وفيهم جميعا...

وكل الذي أنتظره وأرجوه وآمله، في إطار كل ما يحري، أن يعترف بي كمواطن سوري، كإنسان من سواء الناس، ومن تراب هذه الأرض..

فإن فعل صاحب الأمر فمن لطفه، وإن أبى فأفوض أمري إلى الله.

وأدعو الله للناس جميعا بالفلاح وبالسداد وبالرشاد…

وأذكّر بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن من شر الرعاء الحطمة" أي الذي يحطم الرعية بعسفه وظلمه وسوء تصرفه، وقسوة خياراته.

تأمل معي أخي…

لم يصفه بإيمان ولا بكفر، ولا بصلاح ولا بفسق!! بل وصفه بحطمه للناس بما يكلفهم أو يشق به عليهم.. وهذا يكفيه.

أسأل الله أن يلهم كل من يقوم على أمر الناس الرفق. اللهم من ولي من أمر السوريين شيئا فرفق بهم فارفق به. ومن ولي من أمر السوريين شيئا فشق عليهم فشق عليه.

ولقد ترك بشار الأسد السوريين جميعا مطحونين بما شق عليهم؛ وبما حمّلهم، وبما أثار بينهم من النعرات، وترك سورية خرابا يبابا..

فعلى كل من يقارب أمور الناس أن يقاربها بلطف ورفق وأن تكون يده يدّ الآسي..

فالناس بطبعهم فيما قدّموا متطلبون، وهم ينظرون إلى من تولى أمرهم أنهم يوفيهم ويزيدهم...

أسأل الله لسورية وللسوريين نعماء في غير ضراء. وأسأل الله لمن يلي من أمرهم شيئا رشدا وصلاحا..

(فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1106