هل حسابات الربح والخسارة قبل الإقدام يتنافى مع الإيمان بالله والثقة به وحسن التوكل عليه؟؟
كتبت لكم بالأمس مقالي "سأكتب هذا ولا أبالي.." وكتبته وهو اليوم بين أيديكم، ويستطيع كل من لم يقرأه أن يعود إليه..
وهو مقدمة لازمة لقراءة مقالي اليوم الذي سيكون أكثر إيجازا…
نتعلم في أساسيات علم الترببة، أن العملية التربوية تقوم على مدخلات تؤدي إلى مخرجات..
فأنت مهما علمت الطفل الصغير أن الواحد زائد واحد يساوي ثلاثة، سيتعلم هذا ويحفظه ويظل يردده ويؤكد عليه.
أردت أن أقول أننا مهما رأينا من انتشار العقائد والأحكام والأفكار والسلوكيات الخاطئة أو المجتزأة أو المهزوزة، بين جماهير من الناس على أنها الحق والصواب
الذي لا قبله ولا بعده..
ومهما تم تعظيم الصغير، وتصغير العظيم، من أمرنا، وشاعت بيننا الفوضى في اعتقاد العقائد، وترتيب الشرائع، وترتيب الأولويات، واعتماد المقدمات، وحساب النتائج..
فنحن أمام خلل تربوي تعليمي، أسس له معلم جاهل أو قاصر أو منحرف أو مغلوب على عقله..كالذين حدثتكم عنهم من الخريجين..
منذ الأيام الأولى لانتصار هذه الثورة المباركة، عندما تحولت "المصافحة" بيننا إلى قضية، لا تحسبني مع ولا تحسبني ضد، بل أنا أقول ولو أننا جميعا تلقينا فقهيا حقيقيا عنيقا نافذا، لكانت القضية في قلوبنا وعقولنا وآفاقنا أقل بكثير من تلك التي كانت يوم إنفاذ الأمر بصلاة العصر في بني قريظة..
قليلون الذين يريدون تعليمنا هذا، وأتساءل: لماذا؟؟
والسؤال الذي يفرض نفسه علينا جميعا في هذا الموقف، الحرج، الذي نعيشه، هل الإسلام العقيدة والشريعة وما يستنبط منهما أو يوازيهما من العقل والمنطق، يفرضان علينا أن نحسن تقديم الحسابات الدقيقة بآفاقها قبل، وكذا بعد..
أنا سمعت كتابا صحفيين مثقفين يهدرون على إذاعة دمشق سنة 1967 بعبارة انتصرنا..وفذلكوا نصرهم المؤزر كما تعلمون…
وهل قوله تعالى (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ). ومن قال بسم الله صادقا مشى على الماء، وقوله تعالى (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ) حين يفسر نصرنا لله، بالعودة إلى أدب السواك، الذي غفلنا عنه في، يكفي لتحقق شرط نصرنا على الله، جل الله..
هل فعلا أن قوله تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) يحدد القوة المطلوب إعدادها، بالاستطاعة الوقتية، فحين تُغير علينا طائرة مدمجة بأنواع الأسلحة، وليس في مكنتنا غير الحجر، فيجب أن نرميها بحجر…أم أننا مطالبون بإعداد القوة المقاربة أو المكافئة؟؟
في مشروعاتنا الاقتصادية الفردية أو الجماعية نبدؤها بحساب الكلفة.. وحساب الجدوى..ودراسة السوق..
هل يمكن أن ننقل مثل هذه الخطوات إلى مشروعاتنا السياسية.. والعملياتية، أم أنتي حين أطالب بذلك أكون من المشككين والمتشككين؟؟
حين يكون المدفوع أو المكيول أو الموزون دما أحمر عبيطا لآلاف المهج ثم لا نبالي بالكلفة؟ ولا نجلس في آخر كل يوم، كل أسبوع، كل شهر، كل سنة؛ فنعيد جردة الحساب..
ونقف أمام عمودي الحساب المزدوج منه، وتعني من الصندوق، وله، وتعني للصندوق لنعرف ما هو " الصح باقي"
ونعتبر أنفسنا رابحين على كل حال، منتصرين مهما كانت النتائج؟؟
سحرة فرعون لم يكونوا يحولون الحبال إلى حيات، بل كانوا يسحرون أعين الناس، هذا نص في القرآن (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى) (سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ)
أليس من حقنا أن نتعلم عما جرى في سورية، وكيف جرى؟ وعما يجري فيها وكيف يجري…أليس من حقنا أن نتعلم مما جرى، وقد ختم لنا ربنا بفضله ومنه وحسن تقديره ولطفه بالحسنى!!
أنا أخاطب فقط المعلمين…من خريجي كل الكليات الأخطر فالأخطر..
وأظل تأمل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم سأله صحابي حصيف: هل يأتي الخير بالشر؟؟
قالوا فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم متأملا، وقيل: وكأنه يوحى إليه،ثم قال للرجل أعد عليّ: فأعاد الرجل: هل يأتي الخير بالشر؟؟
أنا ما زلت منذ سمعت رواية الحديث، أستعيده، وأتملى جواب سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويستغلق علي، وأجده حينا فوق إدراكي، وأستعين عليه بشرح الشراح وتدبيج المدبجين.. وأتجاوز حينا فأقلبه وأتساءل: وهل يأتي الشر بالخير؟؟
ثم أدخل رأسي تحت عباءة إيماني وأردد إن الخير لا يأتي إلا بالخير..
وسوم: العدد 1117