التعليم الأحادي الذي قتلنا.. ولغة العنطزة التي دمرتنا

وأكتب لكم هذا خوفا وإشفاقا…

عندما تعلمنا علم البلاغة من كتاب التلخيص للقزويني..

مرّ بنا هذا البيت:

أشاب الصغيرَ وأفنى الكبير..

مرُ الغداة وكرُ العشـــــــــــــــــــيّ

وعلق المؤلف أو الشارح:

هذا البيت يقرؤه الكافر على أنه حقيقة، ويقرؤه المؤمن على أنه مجاز. انتهى.

يقول الدهريون: (وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ) يحكيها القرآن عنهم إخبارا عن كفرهم.

ونقول: مات فلان بمرض كذا. وكلنا يعلم الحقيقة المطلقة أنه مات بأجله. (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) يصح هذا في الأمم والدول والأفراد وأوراق الأشجار (وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا)

ونحتاج إلى المعلم الذي يعلم الناس (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) و (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) في سياق، وأن يعلمهم (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ) في سياق آخر

أن نتعلم اليقين في أن الرزق والنصر والتمكين من عند الله، ونحن نعد ما في جيوبنا، وما من في صفوفنا.

إعادة الحسابات طبقا عن طبق (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ) لكل طبق أو حال أو سياق حكمه ودلالته…

تتكلم على مستوى الإيمان موقنا أن كل شيء بيد الأول والآخر..

وتتكلم على مستوى السعي والجهد والبذل والإعداد والاستعداد.. فترى الله -جل الله- ينظر إليك كيف تعمل؟

قال (عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)..

الخلط بين سياقات الكلام ملط، وسفه وتضييع وإفراط بل تفريط…

وأعود فأقول: نحن انتصرنا في سورية بفضل الله علينا. هذا سياق مطلق يقيني مفتوح لا يماري فيه إلا متهتك مأفون..

ونحن انتصرنا في سورية بثورتنا وجهادنا وصبرنا ومصابرتنا وتضحيات شعبنا ودماء شهدائنا وعزيمة رجالنا ونسائنا وأطفالنا..

وبالشكوى يرفعها طفلنا الذي توعد العالم كله بقوله: سأخبر الله بكل شيء..

وهذا سياق آخر للقول، وطبق آخر لحال صرنا إليه، ولا يجادل في هذا إلا مكابر عنيد، طرقنا الباب بجهد فعلى لأي ما فتح لنا، ولكنه فُتح، ولو استسلمنا من أول يوم لما كان نصر ولا تمكين، فاحفظوا هذا ولا تنسوه..

وانتصرنا ثالثا..

بترتيبات تمت كذا طبقا عن طبق، علمها من علمها، علما حاضرا مسندا، واستشفها من استشفها، بنور أو بعلم يمتلكه من قدر عليه…

ورسالتي بعض طول شرح: إن الخلط بين السياقات، ومصادرة بعض ببعض، واستحضار التناقضات بين الأول والثاني والثالث والسابع.. هو نوع من العنطزة التي لا تؤمن عواقبها…

وقوفنا عند حدود الله مدخل أولي يمدنا في كل موقف باليقين والعزيمة..

وصبرنا ومصابرتنا مدخل ثانٍ لتحقيق ما نصبو إليه

أن نتعلم كيف تعمل هذه الآلة الضخمة التي يسمونها المجتمع الدولي، كيف تدور، وكيف تتخذ فيها القرارات، وكيف تتحقق من خلالها الانجازات..

هذه الآلة الضخمة لا تتوقف عن الدوران، والاستجابة فيها لحظية، وهذا ترامب يخترق نتنياهو ويلتقي بإخوة غزة الأطهار الأبرار..

ولقد نصرنا الله على الروس بكل تأكيد، وانتصرنا بصبرنا وثباتنا لا شك في ذلك،

وكان الروس من أكثر حلفاء الأسد الذين أعملوا في أديمنا قتلا وتدمير لا يجادل في ذلك مجادل..

ولكن الروس بعد دوران عقارب الساعة، هم من يسجنون الأسد وإن يكن في شقة، وهم اليوم يبسطون يدا.. في سياقنا الذي نحن فيه، فهل نستعين بالله بهم عليهم ؟؟

قال: (وَإِن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ)

في صميم العمل في سياق السياقات نحن علينا أن نقلل ما استطعنا من العداوات. وأن نكسب ما استطعنا من الصداقات.

لا نشتري عداوة، ونعفو عن كثير من أجل صداقة. ووقع الكلام أشد من وقع السهام…

قال: ذلك على ما قضينا

وهذا على ما نقضي

اللهم ألهمنا رشدنا واهدنا سبلنا..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1119