صورة الواقع.. وارتباطه بالثورة ...
عقاب يحيى
يقول أصحاب كثر.. كانوا ضمن صفوف الثورة، وعديدهم تحمّس لها بزخم عاطفي : أين هي الثورة اليوم؟؟.. وكيف صارت؟، أو تحولت؟...
وتنهال تحليلات الخوف والنقد.. وفي جعبة الإثبات كثير من وقائع يومية على ما يجري في الأرض من تصرفات لا علاقة لها بالثورة، وقيمها.. وفي الذهن أفكار كثيرة معارضة لما يُطرح على لسان عديد القوة المالكة للسلاح، والتي تتسابق مع بعضها في نواياها الوضحة لتأسيس نواة الدولة الإسلامية، ورفض الديمقراطية التي يعتبرها بعضهم كفراً، وزندقة، حيث" لا حكم إلا لله".. وحيث تنبثق أفكار سيد قطب عن " الحاكمية لله" ومعه أستاذه أبو علا المودودي..
وهناك من يعطي أرقاماً مخيفة عن انزياح فظيع في الحاضنة الشعبية باتجاه السلب والحيادية.. أو " الترحّم" على أيام النظام قبل الثورة.. ناهيك عن فيض الكلام عن معاناة الناس في الداخل والنزوح، وفي اللجوء، وأنها لم تعد تحتمل المزيد.. وتتمنى إيقاف هذا الوضع المخيف بأي شكل، وعن طريق أي حل ...
ـ الأكيد.. ورغم نمو الحالة الإيمانية بشكل منطقي ومفهوم.. سابقاً، وبتصاعد مكثف عبر مسار الثورة.. وإطالتها، ويتمها، وما عرفه الشعب من محن أليمة.. إلا أن الثورة ظلت لأشهر سابقة محافظة على روحها : الحرية والكرامة.. والمساواة .. وعلى مزاوجة الكفاح السلمي مع العسكري..
ـ لكن وعبر تغول الاتجاهات المتشددة.. المدعومة بعوامل كثيرة، وسيطرتها على مظاهر الحياة في المناطق" المحررة"، وعلى الخطاب السائد، وعموم العمل العسكري..ضمرت شعارتت الثورة، ونبتت بديلها أخرى إسلامية تتفاوت بين الدعوة لحكم إسلامي، وخلافة إسلامية، وبين تنظيرات وممارسات داعش وأخواتها، وبناء عمومتها..
ـ البعض يريد الاكتفاء بأن ذلك من صنيعة النظام وحلفائه بالأساس.. وكأن الإقرار بمثل هذه الحقيقة يكفي لمعالجة ظاهرة خطيرة تنهش الثورة، وتكاد تلتهم روحها.. وهناك من يعتبر القصية برمتها.. لوناً جهادياً موجهاً للنظام، ونجد من يدعو إلى السكوت على هذه الظواهر.. بدعوى أن المعركة الرئيس مع النظام، وأن كل سيء يجب أن يؤجل إلى ما بعد إسقاطه.. حتى وإن سيطرت تلك القوى تماماً، حتى وإن اقامت ممالكها المتناثرة في الأرض السورية ووزعت وتقاسمت البلاد فيما بينها، حتى وإن قبرت أهداف الثورة.. واشادت نمطاً استبدادياً مرعباً.. اين منه استبداد الطغمة.. وفلسفتها...
هذه الخليطة من التلاطمات.. تسهم أكثر وأكثر في إحداث تصدّعات داخل الصفوف المحسوبة على الثورة، وفي نمو التيارات المؤمنة بالحل السياسي.. دون شروط.. وكرهان وحيد.. مهما كان.. ومهما أنتج.. بينما يرفض المنطق الحربي أي حل سياسي ويقف بعنف ضده.. وبما يزيد الوضع تشنجاً، ويؤثر على القوة المحسوبة على الثورة..
ـ لكل هذه الأسباب.. نعيد تكرار الدعوة لمؤتمر وطني جامع لجميع هذه الأطراف.. لمناقشة الوضع ومآل الثورة، وصورة وطننا الذي نريد..ووضع خارطة طريق ربما تحقق التوافق بين مختلف الاتجاهات.. وتتيح وضع جميع السائل، ووجهات النظر في خدمة الثورة..