ملتزمون بمشروعنا الإسلامي في إطاره الوطني ..

وندين الإرهاب فعلا وموقفا

زهير سالم*

[email protected]

ما إن أعلن من يُدعى أمير دولة العراق الإسلامية ولايته على بلاد الشام ، وادعى تبعية جماعة النصرة التي تشارك في مقاومة طغيان بشار الأسد إلى جماعته ؛ حتى وجد هذا الإعلان من يتبناه ويدعيه وينفخ في ناره ويحوله إلى حقيقة  تحدد على أساسها الاستراتيجيات ، وتبنى عليها السياسات ، وتتخذ بموجبها القرارات .

قفز هؤلاء المحللون على كل الحقائق وتناسوا أن مشروع الثورة السورية في منطلقاتها وآفاقها أوضح وأظهر من ان تؤثر فيه مجموعة أو ان يشوش عليه موقف ظرفي عابر . وأنّ توجه السوريين إلى بناء دولتهم المدنية التعددية التي تراعي خصوصيتهم المجتمعية لا يمكن أن تصادره أي قوة أو أن يحرفه عن مساره موقف أي فصيل .

لقد وقع هذا الإعلان المضطرب خارج سياق مشروع الثورة الوطنية ، وقفز بأصحابه من إرادة دعمها ونصرتها إلى حالة من التخذيل عنها والتأليب عليها ، فلا غرو ان يستقبل بالرفض والاستنكار في مضمونه وفي تداعياته .

إن من أبسط الحقائق أن نذكر – والحكمة ضالة المؤمن -  أنه لم يكن  أحد أشد فرحا بهذا الإعلان وأكثر توظيفا واستثمارا له  من عصابة بشار الأسد وحلفائه من الإيرانيين والعراقيين واللبنانين .

ولقد وقع هذا التصريح في سياق من يسعى ليشتت ويفرق وليس من يسعى ليجمع ويوفق ؛ وقد قدم المزيد من الذرائع للممتنعين عن نصرة الشعب السوري او تقديم العون في أبسط صوره لبنيه .

وحين يتأمل المرء التوقيت الحرج الذي صدر فيه هذا الإعلان المريب لن يستغرب أن يكون وراء من دسه على أصحابه ، أو من أوحى به إليهم . من بعض الذين لا يزالون يتغلغلون هنا وهناك من رجال بشار الأسد أو من أتباع الولي الفقيه في مشهد  شديد التعقيد طالما اختلطت أوراقه . 

ومن جهة أخرى ...

 فإن مما يزيد الريبة في موقف المجتمع الدولي أنه ما يزال يبدئ ويعيد مشككا في استجابة أفراد من المجتمعات العربية لنصرة أبناء أمتهم الذين يذبحون في سورية ثم يغمض العينيين عن لواء أبي الفضل العباس الذي يصول ويجول على أرض الشام ، وعن بوارج وطائرات وكتائب تحركها دول متحدية القانون الدولي ، تشارك جميعها في ذبح شعب أعزل خرج يطالب بحريته وكرامته ..

لقد رحب الشعب السوري بمناصريه من إخوانه العرب ليعينوه على مشروعه في إقامة دولة العدل ، وليساندوه على التصدي لكل أشكال البغي والعدوان الذي يتعرض له ؛ ولكن هذا الترحيب لا يعني القبول ،  بتحويل سورية إلى ساحة من ساحات الصراع الدولي او الإقليمي ، أو إخراج المشروع الوطني السوري عن إطاره ، أو فرض أي شكل من أشكال الوصاية عليه .

إننا مع إدانتنا لكل أشكال الإرهاب في العالم نعتقد أنه قد آن الأوان لإعادة التصور العالمي عن الإرهاب والإرهابيين إلى نصابه . وأول الطريق إلى ذلك أن يعترف المجتمع الدولي وقواه النافذة أن الإرهاب هو فعل وممارسة وسلوك وليس دينا أو مذهبا أو جماعة أو هوية او انتماء ..

آن الأوان للمجتمع الدولي ولقواه النافذة أن تعترف وتؤكد أن استخدام الصواريخ البالستية بعيدة المدى ضد المدنيين الأبرياء على الأرض السورية هو فعل إرهابي ، من أي جهة صدر ، وأن المسئول عن إطلاقها في سورية اليوم هو الإرهابي الأول على قائمة المجتمع الدولي .

 آن الأوان للمجتمع الدولي ليعترف أن الذي يقصف مدنا وقرى وبلدات آمنة بالطيران الحربي وبالقنابل العنقودية وبالبراميل المتفجرة العشوائية فيدمر على الأطفال والرجال والنساء هو الإرهابي الأول ، الذي يجب المبادرة للأخذ على يديه ولوضع حد لإرهابه وجرائمه .

 آن الأوان للمجتمع الدولي ليقرر أن تدخل روسية وإيران وحزب الله والمالكي في الشان السوري هو في حقيقته فعل إرهابي مدان يجب على حراس السلم والأمن الدوليين ان يتصدوا له بحزم وحسم وقوة لا أن يختبئوا وراء دعاوى ودعوات الكل يعلم انها لا تغني من الحق شيئا ..

ورغم هذا وذاك ...

سيمضي مشروعنا الوطني إلى غايته ، محافظا على وحدته ، نصره من نصره وخذله من خذله حتى يحقق أهدافه . ( ولقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ) ومع القسط الكثير من البر أن ( تبروهم وتقسطوا إليهم ) أليست هذه أيضا كلمات الله ..

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية