غوايش عبد الناصر!
أ.د. حلمي محمد القاعود
في مظاهرات اليساريين وحلفائهم من أنصار النظام السابق كان الهتاف أمام نقابة الصحفيين يوم جمعة الكرامة أو الرحيل: آه لو عبد الناصر عايش كان لبسهم الغوايش..
عبد الناصر قالها زمان الإخوان ملهمش أمان!. الهتاف تعبير عن قدرة الرئيس جمال عبد الناصر علي قهر الإسلاميين والمعارضين عموما, واعتقالهم بعد أن يضع القيود الحديدية في أيديهم, والمصريون يستخدمون كلمة الغوايش كناية عن هذه القيود أو الكلابشات.
الهتاف إساءة واضحة بل إدانة صارخة للرئيس الأسبق, في الوقت الذي يسعي فيه بعض الناصريين إلي تبييض صورته وتنقيتها, والاعتذار عن استبداده وطغيانه, وقراراته الفردية التي عادت علي الشعب البائس بالهزائم والمذلة والمهانة أمام شذاذ الآفاق.
ويبدو أن هؤلاء الذين يصرون علي الإساءة إلي رئيسهم الأسبق يتناسون أن الشعب المصري لم تعد لديه القابلية كي يلبس الغوايش مرة أخري, أو يسمح لحاكم طاغية أن يكرر القبض علي سبعة عشر ألفا في ليلة واحدة كما حدث في مارس عام1968, فالزمان اختلف, والدنيا تغيرت, والناس الذين أسقطوا المخلوع في يناير2011 علي استعداد لإسقاط أي طاغية آخر; ليس علي الطريقة التي يقوم بها اليساريون وحلفاؤهم من أنصار النظام السابق, ولكن بالمنهج السلمي الذي جري قبل عامين وأدهش العالم, فضلا عن الآلية الديمقراطية.
إن إشعال الشارع بالمولوتوف والشماريخ والطوب والحجارة, وإغلاق المحافظات ومجالس المدن ومجمع التحرير والميادين وحصار الاتحادية والمجلس التشريعي والاشتباك مع الشرطة وإرهاقها بالعنف والدم ووقف حال الناس بتعطيل المرور والعمل; أملا في جر الجيش للانقلاب علي السلطة الشرعية, محاولة غير نظيفة للعودة إلي حكم الاستبداد, وفي تصوري أنها لن تنجح بمشيئة الله.
لعل عقلاء الناصريين واليساريين يحاولون إقناع أصدقائهم أن تخريب التجربة الديمقراطية الوليدة سيكون مردوده سيئا علي الناس جميعا, ولن يكسب منه الناصريون ولا الشيوعيون ولا أتباع النظام السابق, لأن الطرف الإسلامي لو نزل الشارع فستكون الكارثة, قاتلة حمي الله مصر وأهلها الطيبين!