استقالة وزير
أ.د. حلمي محمد القاعود
من حق وزير الثقافة الذي قيل إنه قدم استقالته من الحكومة أن ينحاز للوزير الأسبق الذي أتي به إلي مؤسسات الوزارة وأن يصفه بأنه لعب دورا وطنيا في فترة مسئوليته.
ولو كان قد احتفل بالسفاح نابليون الذي قتل عشر الشعب المصري في حملته الدامية علي مصر, واحتفي بخصوم الإسلام, ودعا إلي مؤتمرات مناهضة له لتغيير الخطاب الديني وفقا لرؤية الخصوم!
من حق وزير الثقافة أن يدعي أنه يستقيل احتجاجا علي القمع المزعوم, وأن يتبرأ من الإخوان المسلمين, وأن ينسلخ عن الحكومة التي ينتمي إليها. ومن حق من أتوا به إلي مناصبه من أتباع الرئيس المخلوع وخاضوا في دماء الشهداء ليحلفوا يمين الوزارة; أن يصفوا ادعاءه بالسلوك الخلقي والموقف الوطني, وأن يمتدحوا استقالته وعداءه للرئيس والنظام.
ومن حقنا نحن المواطنين العاديين أن نسأل الوزير المحترم: ماذا فعلت منذ تسلمت مسئولية الوزارة لتعالج الفساد الذي تزكم رائحته الأنوف في قطاعات الوزارة المختلفة, خاصة الوثائق ودار الكتب التي عملت فيها خمسة عشر عاما, وظهرت وثائق الفساد فيها علي صفحات الصحف وشاشات التلفزة ؟ متي ترد الجائزة التقديرية التي حصلت عليها دون حق وبطريقة غير مقبولة لا أقول غير خلقية إلي خزانة الدولة لكي يكون موقفك من الحكومة متسقا مع السلوك الخلقي والموقف الوطني الذي وصفك به أنصار مبارك ؟ كيف تفسر زعمك بأن محاولة تيارات الإسلام السياسي كما تسميها- جذب المجتمع تجاه الأسلمة صعبة; وأنت الأزهري الذي يعلم أن مصر كلها مسلمة بالعقيدة والحضارة ؟
إن موظفيك الذين ناشدوا رئيس مجلس الوزراء رفض استقالتك, حرصا علي ما يسمونه إنجازات الوزارة وما تم إعداده من خطط ومشروعات ثقافية, إنما يحرصون علي مناصبهم ومصالحهم, لأنه لا يوجد شيء- كما تعلم- من هذه الانجازات المزعومة علي أرض الواقع.
تصوري أن المشكلة ليست في المنصب بقدر ما هي في وجود وزارة للثقافة لا علاقة لها بالثقافة إلا بقدر تطويع المثقفين وإخضاعهم, وصار إلغاؤها ضرورة حيوية لصنع ثقافة جادة من خلال المثقفين الحقيقيين الأصلاء.