لا لقوات السلام على أرض الشام
سمير التقي
فلنتساءل معاً، ألم يكن من الأفضل على كل صعيد، لو ان الشعب العراقي ثار ضد دكتاتورية صدام حسين، وتخلص من نير الاستبداد عبر كفاح مرير وفوق سيل من دماء ابنائه الطاهرة ليقوم بتحرير نفسه بزنده بتحقيق حريته بقواه الوطنية، ألم تكن الكلفة التاريخية والسياسية والوطنية الحضارية والاجتماعية اقل بألف مرة من الكلفة التاريخية للعدوان الأمريكي الإجرامي على العراق؟
نحن السوريون مضينا بعيداً في تحرير أرضنا بيدنا ولن نمنح انتصارنا لغير ابناء شعبنا. ولن نسمح لجندي غاصب، في كل الأحوال، ان يطأ ارض الشام ليحولها إلى خراب بخراب. بل أقول منذ الآن لا جلبي ولا مالكي على أرض الشام.
في وقت تتكالب فيه القوى الدولية والإقليمية على مصير سوريا، وفي وقت يستمرئ فيه النظام شتى أشكال الوحشية والقتل، إمعاناً في جسد الوطن والمواطن السوري، يتحدث بعض المعارضين الوطنيين في الخارج عن أنهم يشترطون ان يتم إسقاط الأسد للموافقة على دخول القوات الأجنبية إلى سوريا، فيما تدعي القوى الغربية، أن دخولها يهدف لتلافي عمليات الانتقام الطائفي.
وفي حين خدع الغرب والجوار العديد من قوى المعارضة بلهيب التصريحات العنترية وبشتى انواع الخطوط الملونة سرعان ما ظهر زيفها. فلا تركيا استشارتهم ولا الولايات المتحدة ولا الغرب ولا روسيا حين منعت أو سمحت او خرقت او زودت النظام او تواطأت.
يفترض بعض الوطنيين السوريين انهم في موضع يتيح لهم أن يسمحوا او لا يسمحوا او ان يقولوا باسم الشعب السوري انهم يوافقون على دخول القوات الأجنبية إلى سورية بعد سقوط الأسد لفصل ابناء الشعب الواحد عن بعضهم.
ومع كل احترامي لتاريخ وللمواقف الراهنة لهؤلاء الزعماء الوطنيين، فإنني واثق ان الشعب سيرفض دخول القوى الأجنبية بذريعة حماية الأقليات. ولا توجد سلطة لا البارحة ولا اليوم لا غداً مخولة ان تقبل او حتى ان تناقش دخول قوات غربية أمريكية او اوربية او تركية بعد سقوط الأسد.
ينبغي الانتباه بوضوح كامل إلى مخاطر هذا الانزلاق، الذي لن يوافق عليه الشعب السوري والذي سيرفضه ويقتص من مروجيه لما سيحمله معه من تقسيم لسوريا إلى متصرفيات بحسب مناطق سيطرة كل من الدول الغربية او دول الجوار. حينها سيكون المطلوب ان يتراكض السوريون كسباً لود القيادة العسكرية الأمريكية او التركية او الفرنسية او البريطانية المتواجدة على أرض البلاد واستقواءً السوريين بعضهم على البعض لتصبح البلاد دولةٍ أشبه بلبنان المتصرفيات في القرن التاسع عشر. ولا يصعب علي أن أتصور أن يلتقي قادة القوات الأجنبية في سوريا، إما في بلودان أو في صلنفة، لتقرير تركيبة الوزارة وتوزيع قيادة الجيش، كما حصل أيام الانتداب او كما حصل فيما بعد في لبنان او في العراق مؤخراً.
ويدل مجرد طرح هذه المطالب على رغبة القوى الغربية وروسيا في إخضاع البلاد لحالة من الانتداب بعد سقوط النظام، وبالقبول باحتلال هذه القوات لمواقع في محيط حمص وتلكلخ وعلى امتداد الغاب وصولاً إلى جبل الأكراد وجسر الشغور (وسيكون فيها الروسي والبريطاني والفرنسي والتركي وربما الإيراني).
والأنكى من ذلك ان تتنطح بعض الشخصيات المعارضة للقبول بهذه المطالب غير مدركة للمخاطر الكبرى التي تنم عنها:
أولاً: القبول بمبدأ تقسيم البلاد جغرافياً وسياسياً على أساس طائفي وتفتيت الانتماء والهوية والولاء الوطني إلى ولاءات. والقضاء على كل منجزات الشعب السوري منذ بداية القرن العشرين من وحدة وهوية وطنية وتاريخ مجيد من الدفاع عن ارض البلاد ووحدتها وسيادتها.
ثانياً: تقف خلف هذا الموقف تصورات تبسيطية ساذجة عن حسن نوايا الغرب ومصلحته في ابقاء سورية بلداً واجداً في وقت يجهر كبار المفكرين الأمريكيين والروس بالقول بأن سبب فشل العرب في بناء الدول هو بنية الدولة التي انتجتها اتفاقيات سايكس – بيكو.
ثالثاً: القبول بالتخلي عن سيادة القرار الوطني السوري وإخضاع البلاد يتم لصالح خلق مصلحة لمختلف القوى الدولية في إبقاء حالة التنازع والصراع الطائفي في البلاد حفظاً على استمرارها وتكريساً لقسمة سوريا فيما بينها.
رابعاً: تنم هذه التصريحات عن تصور تبسيطي ساذج للغاية، للحراك الدولي ولمصالح الدول الكبرى، وتصديقاً (لنواياها الطيبة)، وتسليماً مستغرباً بأن مصالحها تتوافق مع المصالح الوطنية السورية. هذه قمة السذاجة بل والطفولة السياسية، فالولايات المتحدة التي اعتبرت القضية السورية قضية ثانوية في إطار حوارها الاستراتيجي مع روسيا وإيران والتي تمضي قدما في حوار استراتيجي جديد مع روسيا بعد نجاح اوباما تتفق معها حالياً على الاستمرار في ضبط الصراع بحيث لا تفنى المعارضة من جهة ويحتفظ النظام بتفوقه العسكري الحاسم.
وفي حين تستمر الولايات المتحدة وأوروبا في التواطؤ على حرمان الشعب السوري من وسائل الدفاع عن نفسه عبر تدخل فاعل سواء بضبط عملية التوريد او عبر التدخل الكثيف في عمل المعارضة في دول الجوار، يرقص الغرب والروس رقصةً جهنمية مشتركة على الدم السوري، وتقرع طبولهما في مفاوضات مشتركة يحتفظ فيها كل طرف بحصته من الكعكة السورية.
كم من السذاجة أن نعتقد أن الأمريكيين او الأوروبيين او الروس مختلفون!! لقد رفضوا مجتمعين التدخل في سوريا من أجل حقن الدماء، ورفضوا مجتمعين تطبيق منطقة حظر جوي من القانون الدولي.
فان يفترض بعض الوطنيين السوريين حسن نوايا هؤلاء وانهم سيزهقون دماء ابنائهم من اجل تخليص السوريين عن بعضهم البعض، امر مثير للدهشة. هذه الدول لم ولن تزهق دماً من إصبع جندي واحد من جنودها حمايةً لا لعلوي ولا لسني ولا لمسيحي، بل ستكون الفتيل والمحرض لإشعال البارود وتفتيت الوطن. إنها لسذاجة منقطعة النظير الاعتقاد أن هذه القوى ستخرج من سوريا لعقود طويلة.
الأحرى بالائتلاف الوطني الآن أن يعلن أنه هو والقوى المسلحة للثورة سيعتبرون كل أجنبي على أرض سوريا بعد سقوط النظام محتلاً وأنهم بعد تحرير البلاد من نظام بشار ستكون المهمة عندئذ تحرير البلاد من القوى الأجنبية. وكما فعل ياسر عرفات في باكورة نضاله، فإن الأحرى بالائتلاف الوطني ان يبذل قصارى جهده من اجل انتزاع استقلال قراره الوطني وتوحيد ارادته وقيادته العسكرية بحيث تضبط وتقمع كل اشكال الانفلات والانتقام المحتملة. فشل المجلس الوطني في تحقيق ذلك في السابق وتقاعس الائتلاف الوطني عن القيام بذلك في الحاضر، يعرض استقلال البلاد ومصيرها بل ووحدتها لمخاطر كبرى.
يعتقد البعض ان حاجتنا لدعم دولي أمام سفاح دمشق تبرر القبول بالتدخل الأجنبي بعد سقوط النظام. انه لوهم بحق الاعتقاد ان تسريع حكومة انتقالية تشكيل حكومة يوافق عليها الغرب ستسرع قبول الغرب بالتدخل وتمكيننا من الخلاص، فلقد سبق ان قدم البعض الكثير من الضمانات لبعض الدول وادخلوها في نخاع الثورة منذ مؤتمر انطاليا على أمل تسريع سقوط النظام، فماذا حصدنا؟؟ انه ضرب من الطفولة السياسية ايضاً. فلو أراد الغرب او روسيا لما نقصتهما الذريعة بل هم ينتظرون ببرود إجرامي قطاف ثمار الدم السوري تبعيةً وتمزيقاً وتفتيتاً وطنياً وقومياً.
أن ثورة الكرامة السورية لن تقبل بأي مستوى من العدمية الوطنية ولا من التضحية باستقلال او سيادة او وحدة اراضي البلاد. إنني أرجو إخوتنا في قيادتنا الوطنية المعارضة أن تتوقف عن طلب النصرة من غير شعبنا وفي أي مكان غير أرضنا الحبيبة. فمأساتنا ليست مأساة نظام متوحش متخلف ساقط وحسب، بل هي مأساة تفسخ قيم المجتمع الدولي الذي طالما نظر نظرة دونية للعرب كونهم لا يعطون الأولوية للديمقراطية في عقلهم وسياستهم، وحين هب العرب تكالبوا فيما يشبه تقاسم جثة الرجل المريض.
إن الغرب لن يحترمنا إلا بقدر صلابتنا في الدفاع عن مصالحنا الوطنية. الفلسطينيون والعراقيون ليسوا اكثر وطنية ولا صرامة منا في الدفاع عن وطنهم وصون سيادته. وسيقاتل شعبنا بعد سقوط بشار، حماية لأهلنا من كل الطوائف بذات الصلابة التي يناضل فيها من اجل صون سيادة الوطن وطرد كل المحتلين. هذا هو الموقف الشعب السوري الأبي ومن لا يراه فهو لا يعرف سورية والشعب السوري بعد.
-- ---------------------
أخي الكريم سمير
تحية طيبة وبعد،
لقد قرأت تحليلك بكثير من الاهتمام والتمعن ولا شك أوافقك في الكثير من النقاط ، ولكن لدي رأي آخر ويسعدني أن أطرحه عليك وعلى بقية الأخوة الكرام.
من الجدير بالذكر ان مخاوفنا على وحدة البلد حقيقية وتحتاج دراسة عميقة وتفاعل مستمر فيما بيننا نحن كسوريين حتى نبين الأخطار الحقيقية الجديرة بالقلق... فظهور فكرة ارسال قوات حفظ السلام في هذا التوقيت ليست هي الوحيدة التي ستخلق أو ترسخ فكرة التقسيم ، بل هناك واقع خطير على الارض ولابد لنا من أخذه بعين الاعتبار.
هذا الواقع أصبح من الصعب السيطرة عليه بوجود مجموعات مقاتله من ماهب ودب والتي باتت تعمل من اجل أجندات مختلفه بعيدة كل البعد عن الهدف الأساسي الذي قامت من أجله ثورة الشعب السوري ألا وهو بناء الدولة المدنية الديموقراطية .. فأصبح هناك مشاريع أخرى تتناقض مع طموح الشعب السوري، كمشروع الدولة الاسلامية ومشاريع خفية أخرى تؤدي الى تقسيم البلد وتخدم بالدرجة الأولى مصلحة أعداء سورية وأولهم اسرائيل. هذه المشاريع تتضارب فيما بينها لكنها تلتقي
طبعا بهدف واحدالا و هو " اسقاط النظام"، لكن كل له توقيته الخاص به لتحقيق هذا الهدف.
من خلال هذا المشهد أصبح اسقاط النظام ليس فقط بداية التغيير نحو الديموقراطية وإنما الباب نحو المجهول .! الذي يحوي في طياته مخاوف سورية ، إقليميه ودولية بدءا من نشوء حرب أهلية ذات تداعيات إقليميه ، الى وقوع الأسلحة الكيماوية أو الصواريخ المضادة للطائرات في أيدي مجموعات لاتحمل الاميركان واسرائيل والغرب والشرق في قلبها ، وقادرة أن تهدد مصالح الجميع على حد سواء اذا ما تم اسقاط النظام في هذه المرحلة ، لذلك كان لابد من وجود وفاق ضمني في هذه المرحلة بين الشرق والغرب لاحتواء الصراع وعدم السماح لأي من الطرفين بحسمه بشكل نهائي ... فمن هنا كان حظر السلاح عن المعارضة ولم تدخل الأسلحة النوعية الا بالنذر القليل .
لاشك خلق الائتلاف الوطني بمكوناته الوطنية جاء ضرورة لاحتواء هذه المخاطر من جانب وتطمين الشعب السوري والمجتمع الدولي من جانب آخر .. من خلال خلق معارضة أكثر تمثيلا لمكونات هذا الشعب العظيم و تكون قادرة على توحيد العمل السياسي للمعارضة السورية و تحمل أهدافاً تجمعها .
كذلك توحيد العمل العسكري تحت قيادة موحدة بتنسيق كامل مع القيادة السياسية وبتفاعل مستمر فيما بينهما
فبذلك يمكنها الحصول على الشرعية الدولية ويجعلها الممثل الوحيد من أجل الدخول حتى في مفاوضات مع النظام إن كانت مصلحة البلد تقتضي ذلك حفاظا على وحدة سورية أرضا وشعبا ، ولايمنع ذلك فرض شروط تضمن الانتقال السلمي نحو بناء الدولة المدنية الديموقراطية ...
أين المخاطر الآن ؟
المخاطر تكمن على عدة أصعده !
أولا على الصعيد السياسي :
١- إن فرض نقطة اللاحوار أو التفاوض مع النظام والتأكيد على اسقاطه ، خطوه تكبل و تعقد العمل السياسي للإئتلاف الوطني في محادثاته مع كل الأطراف الدولية والاقليمة المعنية بالأزمه، اذا لم يكن متأكدا مئة بالمئة من قدرته على اسقاط النظام بأقل الخسائر وبأسرع وقت ، لما لذلك من تداعيات مأساوية على الشعب السوري ،وكذلك أن يكون ضامنا لمواقف الدول العظمى في هذا المجال وبالذات روسيا والصين ..وإلا سيقع بنفس المأذق الذي وقع به المجلس الوطني، ألا وهو فقدان استقلالية القرار لصالح الطرف الآخر، ومن يفقد الاستقلالية لايعود له أي أهمية.
من هنا كان لابد من اشراك المعارضة الوطنية بالداخل وبالذات هيئة التنسيق.
٢-على الصعيد العسكري:
لاشك أن تشكيل المجلس العسكري "الموحد" في أنطاكية ووضع جميع التشكيلات والكتائب تحت قيادة موحدة عمل ضروري وأساسي للسيطرة ولضبط العمل العسكري تحت قيادة مؤسسة قادرة على الحد من التجاوزات والأعمال التخريبية التي تنسب للجيش الحر وتهيئة لضبط الأمور لمرحلة مابعد اسقاط النظام .
الخطورة تأتي وبالأحرى التساؤلات التي يجب ان تطرح ، من هي هذه القيادة الجديدة؟ ولما تم عزل القيادة السابقه مثل العقيد رياض الأسعد أو اللواء مصطفى الشيخ الخ... ولم تم تشكيل هذا المجلس تحت رعاية أمريكية، بريطانية، فرنسية؟ اليس من حقنا وضع اشارات الاستفهام والتساؤل عن هذه التركيبة الجديدة ؟ .
نقطة أخرى، هي طبيعة العمليات التي تقوم بها مجموعات الجيش الحر ، من الهجوم على المطارات وقواعد الدفاع الجوي!
اذا كان الهجوم على المطارات لمنع الطائرات من الاقلاع ومنعها من القيام بعمليات هجومية على مواقع الثوار والمدنيين ، أو لقطع وصول المساعدات الايرانية أو غيرها للنظام، فلماذا يتم الهجوم على قواعد الدفاع الجوي ؟ هل من أجل الحصول على صواريخ مضادة للطائرات !! علما أن هذه الصواريخ تعمل تحت منظومات الكترونية معقدة ولايمكن استعمالها ضد طائرات النظام اذا لم يتم تشفيرها من قبل تقنيين وأخصائيين في هذا المجال ! اليس من حقنا أن نتساءل الى أين نحن ذاهبون ؟ الا يوحي لنا ذلك بعملية تنظيف وشل لقدرات الدفاع الجوي تحسبا لأي عمل عسكري خارجي ؟؟
نقطة أخرى الحملة الأخيرة على جبهة النصرة ووضعها تحت قائمة المنظمات الارهابية الدولية من قبل الادارة الأمريكية ، اليس ذلك تهيئة لشلها وتحييدها ومنعها من القيام بعمليات ضد أي قوات أجنبية محتملة قريبا على الأراضي السورية! ، مع أن العديد يتكلم عن تنظيم والقدرات القتالية والعمليات النوعية التي تقوم بها جبهة النصرة بغض النظر أن كنا نتفق مع طر وحاتها ام لا .
أضف الى ذلك الحديث عن السلاح الكيماوي باسم الناطق الرسمي لنظام الأسد آنذاك جهاد المقدسي (الذي يقال أنه لجأ الى الولايات المتحدة! ) قد فتح أبواب جهنم على النظام باحتمالات التدخل العسكري الخارجي!
من الجدير بالذكر ان الحديث عن استعمال السلاح الكيماوي لدى النظام له خلفيات ومخاطر حقيقية .
طالما صرح النظام وبخطأ فادح من قبل ناطقه الرسمي أنذاك : أن سورية لديها سلاح كيماوي ولن يستعمل الإ في حالة التدخل الخارجي! .... هذا يوضح لنا امرين هامين من جهة احتمال استعمال هذا السلاح من قبل النظام في أي لحظه من خلال تأويله الخاص إن كان هناك تدخلا خارجيا أم لا.
ومن جهة أخرى يفتح المجال أمام القوى الغربية على اختيار الحجة والتوقيت للدخول في صراع مباشر مع النظام على أرض سورية.
اذا نحن امام خيارين !
الخيار الأول : هو القبول بقوات أممية "أمم متحدة" تفصل بين الجهات المتقاتله على الأرض والعمل من جديد على احياء بنود مبادرة كوفي عنان بشكل آني و ما تضمنه من اطلاق سراح المعتقلين السياسيين ، ادخال المساعدات الانسانية ، ادخال الاعلام العالمي بشكل حر، حرية التظاهر السلمي ومن ثم التفاوض حسب اتفاق جنيف طالما تمت أهم خطوة و هي شل العمليات العسكرية على أرض الواقع ، والتي فيها حقن لدماء السوريين والمحافظة على وحدة سورية أرضا وشعبنا، ودفع للثورة السلمية من جديد لتحقيق أهدافها، فموقف المعارضة والثوار أقوى بكثير ويستطيع فرض هذه الحلول وبدعم دولي شامل بما فيهم الروس والصينيون .
الخيار الثاني : فتح الباب أمام تدخل غربي لقلب الموازين مرة أخرى بفرض واقع جديد مع الروس على مستوى المفاوضات ... او بمعنى آخر تحريك أحجار اللعبة ، مرة أخرى للوصول الى الخيار السابق ، أو الدخول بصراع إقليمي ودولي وهذا من المستبعد أيضا إلا في حال حاول بشار اللعب بهذه الورقة .
المشكله الآن ، إن خلق حكومة جديدة هو خلق وضع جديد على الأرض ... فيه رسالتان واضحتان :
الأولى ، رسالة موجهة من الغرب بأن أي تفاوض قادم لابد من رحيل بشار ، وتسليم السلطه الى هذه الحكومة الشرعية.
ثانيا : إن لم يتم هذا التفاوض سيكون هناك وضع جديد على الأرض ألا وهو خلق دولة بكل ما في الكلمة من معنى في الشمال الشرقي من سوريا وفي بقية المناطق المحررة!.
بحكومتها وعلمها وقواتها وتحالفاتها وسفاراتها...
و سيستمر الصراع المسلح بذلك الى اجل غير مسمى، طبعا خلال هذا الوقت ستتم محاولة حصر النظام وعزله بتحييد حلفائه ... بدءا من ايران من خلال دعم أكبر مكونات المعارضة الايرانية وأكثرهم تنظيما مجاهدي خلق الذين قد تم رفع اسمهم من اللائحة الأمريكية للمنظمات الارهابية ... حيث هم الان في صدد انشاء مجلس وطني ايراني في باريس على نمط المجلس الوطني السوري والذي حظى بدعم كبير من الحكومة الفرنسية وبايعاذ أمريكي ...فالبدء بثورة شعبية في ايران على النظام الحالي أصبح الخيار الاستراتيجي الأمريكي الأمثل بسبب خطورة وتداعيات أي عمل عسكري على ايران في الوقت الحالي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن : كيف ستتعامل روسيا و الصين مع هذا المشهد؟
روسيا حتى الآن تتمسك بأوراق مهمة في المنطقة .. وطبعا لازال لها كلمة الفصل في هذه المواضيع..
إن مايدهشني عدم وقوف روسيا والصين والعمل الجاد على دعم هيئة التنسيق التي هي طرف معارض وطني ومهم وقادر على خلق توازن سياسي وخلق وضع جديد على أرض الواقع في حال تنحي بشار ... كذلك قادر أن يحافظ على العلاقات الاستراتيجية التي تربطها بسورية وكذلك الحفاظ على مصالحهما.
و بمكن تفسير هذا الموقف بما يلي :
إما الروس كقيادات فاسدة لاتزال تسير بطريق الابتزاز لأموال بشار وأعوانه بحجة الحفاظ على نظامه ... وعندما تنتهي هذه الأموال سوف يتم تواري الأنظار الروسية عنه ويرمى في مزابل التاريخ ..
او ان هناك سياسه روسية حقيقية تريد الوقوف أمام المشروع الأمريكي في المنطقة ... وتحاول استعمال الورقه السوريه (بشار الأسد والنظام الإيراني وتوابعهما ) بابتزاز الغرب في أمور كثيرة ... منها السيطرة على منابع الغاز في منطقة الشرق الأوسط وخطوط امداداتها) ... وكذلك المفاوضات حول الدروع الصاروخية التي بدأت تزرع في أوروبا وفي تركيا الآن ..و اما كل هذه الامور
قاطبة .
المهم من كل هذا المشهد ماذا نريد نحن السوريون وماهي أولوياتنا؟؟؟؟
أولوياتنا لابد أن تكون إنقاذ الشعب السوري
من القتل والتهجير والاعتقال والتجويع ...انقاذ سورية من الوقوع في صراع طائفي ومن مشاريع التقسيم التي ستواكب هذا الصراع... لأن هذا الشعب اذا استطعنا ايقافه على قدميه ، وأعطيناه القوة والعزيمة اللازمة سيستطيع فرض الحلول التي تلائمه وتحمي مصالحه وتحافظ على استقلاليته ووحدته أرضا وشعبا.. اذا ليس أمامنا إلا دعم كل عمل يؤدي الى هذا الهدف ...
تحياتي وتقديري
حسان فرج
علوم دبلوماسية واستراتيجية.
الكتلة الوطنية الديموقراطية السورية