إلى الشيخ معاذ الخطيب ... وشكراً
إلى الشيخ معاذ الخطيب ... وشكراً
فداء السيد
إن وصلتكم رسالتي هذه فاعلم – وفقك الله - أنّ الشعب وضع ثقته في الله ثم فيكم, وتلك مهمة عظيمة شديدة لا يقدر عليها إلا من أعدّ العدّة لها وجعل نفسه وماله وأهله فداءً لها ثم تركَ مغانم الحياة الدنيا وراء ظهره ووضع وقته وجهده وعلمه في خدمة أمته. عرفناك مُربياً خطيباً مُفكراً تعتلي منابر الإصلاح والتغيير وسمعنا عن اعتدالك ووسطيتك وقرأنا رسائلكم الصافية إلى أطراف المعارضة واختبرنا شأنك بين الناس, ولأنّكم الآن لا تُمثّلون أنفسكم وحسب ولا تُعبّرون عن رأيكم فقط, وقد وُضعتم في موضع شاق نسأل الله أن يُعينكم على تحمّله وتصبّره, وقد وجب على كل مُحب لوطنه راغب بالحرية مريد للخير والخلاص أنْ يُساندك وزملائك بالنصح والمشورة دون تجميل ولا تزيين ولا تقديس, وأعلمُ أن مثلي في التقصير ليس يصل لمقام علمكم ومنزلتكم ولكنّ امرأة صِدّيقة مُخلصة أوقفت رجلاً هو خير منّي ومنك على منبر هو خير من منبري ومنبرك وعزاءي قول نبي الله هود: (وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ), فهذه لافتات أرجوا أن تصلكم فتأخذوها وأن تبلغكم فتتلقٌفوها علّ الله أن يفتح بها عليكم:
1- لا تُعرض عمن خالفك ولا تتجنّب من عارضك, حتى لو أغلظ عليك في النصيحة وخاشنك وشدّد عليك, بل التمس الحقيقة في كل ما يُقال سواءً من داخل الائتلاف أو من خارجه, فالمواطن البسيط رهين فطرته والخبير الأمين رهين خبرته وعلمه وفي كلّ خير.
2- العمل المؤسسي ضمانة من ضمانات السلوك الناجح وقيمة مهمة من قيم الفلاح, فلا تركن للوساطات والعبثيات والفساد المؤسسي والإدارة الهرمية القاتلة فقد تأخذك الإنشغالات نحو التباطئ في إصلاح المؤسسة ومراقبة غرفة العمليات وتوزيع الجهد على فرق العمل والمخلصين والمتخصصين.
3-تقوى الله وكنوز التربية في نفسك والرجوع لمفتاح التوكل على الله هي البقيّة الباقية في رصيد العمل الوطني ومشوار التحرير والجهاد في سبيل الوصول للحرية والكرامة والعدالة, فلتكن لك ساعات للإتصال بالله وحده وتطييب الروح وتطهير الذات من شوائب العمل العام.
4- فلتكن لك إطلالات إعلامية مُنظمّة مستمرة, لا تُكثر منها فيملك الناس, ولا تبخل بها فينساك الناس, ولكن خطابات سهلة يسيرة واضحة مُكرّرة تبثّ فيها رسائلك وتناقش فيها أفكارك وتُتواصل فيها مع مُحبّيك, فستُحارب حرباً شديدة وسيحاولون الإيقاع بك فلا تترك لهم الفرصة لينقضّوا عليك.
5- في سورية وخارجها مئات الآلاف من أفراد شعبك يعيشون حياة صعبة بدون ماء ولا طعام ولا مسكن, وكثير من الجرحى والمرضى والشيوخ والأطفال بلا مأوى ولا دواء, ولذلك فلا تبذخ ولا تقبل الإسراف والتبذير وحاول قدر المستطاع أن تعيش حياة أضعفنا وسوف ترى أثر ذلك بين الناس وفي نفسك.
6- لا تُجامل في الحق أحداً,ولا تصانع المقربّين منك, فالحقيقة تُدافع عن نفسها والثورة ما عادت تحتمل ثقافة المُجاملات.
7- يهمنا أن تكون لك علاقات قوية مع العالم الخارجي, وكُلما حاولت تكثير مكاسب الشعب السوري فسيكون ذلك في مصلحة سوريا والسوريين, ولكن اجعل كرامة السوري نصب عينيك.
8- المتصدرون كُثر, ومنهم المتسلقون,فاستخدم أهل الكفاءة والتخصص وكثير منهم مُهمّش, وحاول أن تجمع حساسيات المجتمع السوري من حولك فتتنوع رؤيتك وتتسع مداركك.
9- اطلّع على ما يُكتب ويُقال وخصّص من وقتك جزءً للقراءة والمطالعة حول سورية والثورة والعالم.
10- اسمع للبسيط وصاحب الفطرة وأهل البلد فهم يتكلمون بلسان الحال والواقع ويقولون الحقيقة بدون تزويق.
11- أوصيك بالشباب خيراً فهم أمل الأمة ومن يُقدّم أعظم صور التضحية, فاجعل منهم درعاً وطنياً لمشروع سورية المستقبل وناقشهم واجلس معهم وحاورهم واخلُص معهم لأفكار عملية, فهم أصحاب عقول نيّرة وأفكار مُضيئة ونفوس توّاقة ومتحمّسة للتنمية والبناء.
12- سورية عظيمة بعظم مكوّناتها وتنوّعها, فلنجعل من هذا التنوع إطار عام للعمل الوطني.
13- أضحى الشمال السوري منطقة شبه مُحرّرة, وبناءً على ذلك صار من الواجب عليكم ترتيب إجتماعاتكم ولقاءاتكم على أرض سورية وبحضور سوري فذلك يقوّي من رؤيتكم ويُكبرمقامكم عند الشعب السوري الثائر. هناك مئات الآلاف من المشردين والنازحين داخل سورية وخارجها وسيهمهم أن تعرفوا حالهم, أن تجلسوا معهم, أن تستمعوا لمشاكلهم, أن تهتموا بهم وأن تأخذوا ما يقولون على محمل الجد.
14- علماء سورية ودعاتها خير بطانة لك من أجل إتمام مشروع تحرير سورية, فلن تسمع منهم إلا كلمة نصح أو مشورة.
15- حاول أن تضع رؤيتك ورؤية مستشاريك والائتلاف لمشروع المصالحة الوطنية, فما ينتظر سورية بعد التحرير أمرٌ كبير وعلينا أن نكون مستعدين لوضع هذا المشروع على أرض التجربة والإختبار.
16- إذا خاطبت الشعب فليكن خطابك حماسياً بحجم حماستهم, فتُحدثهم بلسان الثائر المقاوم الذي يغضب لغضبهم ويندفع لاندفاعهم, وإن خاطبت المجتمع الدولي أو الكيانات السياسية المختلفة فلتكن لك نقاطٌ مُحددة ومواضع مُرتّبة وركائز مُعدّة تتلوها عليهم بتؤدة وهدوء سياسي تُحرز به أهدافك وتبلغ به مقصدك.
أتمنى لكم السداد والتوفيق في القول والعمل, وأن يُحقق الله للشعب السوري مُراده بالنصر والتحرير وأن يُعجّل لنا بالفرج وأن يغفر لنا تقصيرنا ويتجاوز عن أخطائنا, والسلام عليكم
أخوكم فداء السيد
12-11-2012