وأشرقت شمسك يا مصر
نسيبة بحرو
أشرق الأمل وقد كاد أن يغيب ، في يومٍ تاريخي حُبست به الأنفاس وتسارعت النبضات .. بينما تترقب الملايين نتائج تصويت الإنتخابات الرئاسية المصرية ، وفي غمرة القلق من المصير المجهول .. تم الإعلان أخيراً عن فوز الدكتور محمد مرسي برئاسة جمهورية مصر ، فصدحت الحناجر بالتكبير والتهليل وضجت الساحات بالأهازيج والاحتفالات .. إنها الفرحة بتحقيق المنى ، وهي العزة المتجسدة بشموخ الأحرار في ميدان التحرير
وفي مشهد يشفي صدور قوم مؤمنين ، انتصر الحق وزهق الباطل فانقلب الحال وتبدلت الأدوار ، لنرى رئيس الأمس أمسى سجين اليوم ، وسجين الأمس أصبح عزيزاً رئيس اليوم ، ليس بقرار ديكتاتوري فرض على المواطن ليرضخ له متجرعاً المرارة والهوان ، وإنما بإرادة الله عز وجل أولاً ثم بقرار ديموقراطي وإرادة من الشعب الذي أزاح الطاغوت عن حكم مصر ليسلم المفاتيح إلى من يخاف الله ويرعى العباد والبلاد ، وكما قال الله تعالى في كتابه الكريم : ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) فإن الشعب المصري قاد تغيير النفس والفكر متوكلاً على الله بالقول والعمل ، فأنعم الله عليه بهذا النصر المبين الذي هو نصر للأمة الاسلامية بأكملها .. وهو المبشر بغد واعد يمحو باشراقته المضيئة ليالي البأس الطويلة ونعرات التفكك والتشتت بين المسلمين ، سيما حينما نرى تلك الصورة المشرفة لوحدة وأخوة الدين في كل بلد ومكان .. تمثلها هتافات تعلو ولا تخبو أن الله أكبر والعزة للإسلام ..
إن من أجمل ما رأيت تجاور أعلام دول الربيع العربي في ميدان التحرير ، تلك الشعوب التي تشابهت في قوة الارداة وصناعة القرار وإنتاج الحدث وصياغة المستقبل ، وتآزرت لفتح بوابة الحلم الكبير الذي يطمح له كل مسلم حر شريف ..
وحيث لا يصح إلا الصحيح .. فإن ارادة الشعوب لابد أن تنتصر لأن وقودها لا ينفد ، ولا تُخمد نيرانها لا طلقات ولا طعنات متواطئة في سحق الانسانية والحرية ولإعلاء الديكتاتورية ، كما أن العدالة الربانية ماضية في حكمها ولن يقف في طريقها كائن من كان في أي مكان وأي زمان .. فالله يمهل لحكمة يعلمها بيد أنه لا يهمل أنين المكلوم ودموع المقهور ودعاء المظلوم وتضحية الشهداء ..
لا تحزن ولا تألم ولا تيأس ، إن نصر الله قريب .. أقولها لكل سوري حر تثقله همومه وتؤلمه أوجاعه .. وإلى كل من تذكر المصاب السوري لحظة الفرح بالعرس المصري فامتزجت على وجنتيه دموع البهجة بالحزن ، والأمل باليأس وصاح في لوعة من الألم والانتظار : متى .. وإلى متى ؟
أقولها من يقيني بالله عز وجل ، ومن ثقتي بالشعب السوري الحر الذي ثار في سبيل الله ثورة الأبطال وثبت رغم الأهوال ، لم يثنه القتل والتنكيل ولم يحبطه الخذلان .. ولا يزال في سجال ونضال وسيبقى حتى يأذن الله بنصر يليق بسوريا وسمائها وأرضها ، بأحرارها وحرائرها وأطفالها ، بمعتقليها وشهدائها .. وبجيشها الحر المجاهد الصامد ، والله على كل شيء قدير .